الحيازة والثبوت
-
تعريف
الحيازة:
حيازة
الشيء عبارة عن وضع اليد على شيء معين وضعا ماديا مقرونا بنية التملك، كما يقال
على الحيازة أيضا أنها: استيلاء فعلى ومركز قانوني. بمعنى أن الحيازة مثلما هي
استيلاء يقع على شيء، إنما هي أيضا مركز قانوني.
وقد
عرفت الحيازة أيضا بأنها: انتفاع الإنسان بشيء أو بحق على هذا الشيء، انتفاعا
فعليا ظاهرا فيه باعتباره مالك الشيء أو صاحب الحق عليه().
الثبوت
( الحيازة ) هو إستيلاء الشخص على الشئ ووضع يده عليه منقولاً كان أو عقاراً وهو نوعــان :
الأول
: حيازة ملك ثبوت يتصرف بها الحائز في الشيئ الذي يحوزه بأي نوع من أنواع التصرفات
ظاهراً عليه بمظهر المالك وأن لم يبين سبب ملكيته له فتكون يده مهما أستمرت حيازة
ملك ثبوت على الشيئ.
الثاني
: حيازة إنتفاع بإجارة أو نحوها يكون الشيئ فيها مملوكاً لغير حائزه الذي لا يكون
له إلاّ مجرد الإنتفاع بالشيئ إنتفاعاً مؤقتاً طبقاً لسبب إنشائه().
-
مظاهر
الحيازة(عناصر الحيازة):
سبق
القول أن الحيازة حالة واقعية مادية تنشأ من سيطرة فعلية لشخص على شئ أو استعماله
لحق عيني باعتباره مالكاً للشئ أو صاحب هذا الحق العيني . ويتبين من هذا التعريف
أن الحيازة ، التي تنتج آثارها ويضفي عليها القانون حمايته تشتمل على عنصرين :
1- العنصر المادي:
ويتمثل
في السيطرة المادية على الشئ محل الحيازة، وتتحقق هذه السيطرة بأن يحرز الحائز
الشئ في يده احرازاً مادياً . ويتم ذلك عن طريق قيام الحائز بجميع الأعمال المادية
التي يقوم بها عادة صاحب الحق على الشئ، طبقاً لما تسمح به طبيعته . فإذا كان الشئ
أرضا زراعية ، فالسيطرة المادية عليها تتحقق بزراعتها أو اعدادها للزراعة . أما
السيطرة المادية على أي حق عيني آخر خلاف الملكية ، فتكون عن طريق الأعمال التي
يقتضيها استعماله . فإذا كان حق ارتفاق بالمرور ، كانت السيطرة المادية عليه
بالمرور فعلاً في المكان المراد استعمال الحق فيه . ولا يشترط أن يقوم الحائز بهذه
الأعمال بنفسه، فقد يكون ذلك عن طريق نائبه أو تابعيه كعماله أو أولاده، وقد يحوز
بالوساطة عن طريق تأجير العقار().
2 2- العنصر المعنوي:
ويقصد به أن تتوافر
لدى الحائز في قيامه بالأعمال المادية نية الظهور على الشئ محل الحيازة بمظهر صاحب
الحق . أي يقوم بالأعمال المادية التي يتطلبها الشئ وفقاً لطبيعته باعتباره صاحب
الحق عليه . فإذا لم يتوافر العنصر المعنوي ، فلا يعتبر الحائز حائزاً حيازة
قانونية ، وإنما يعتبر حائزاً حيازة مادية أو عرضية ، وهي الحيازة التي يتوافر
فيها العنصر المادي وحده دون العنصر المعنوي ، والحائز العرضي هو الذي يحوز لحساب
غيره ، ويستند في حيازته إلى سند قانوني يلزمه برد الشئ إلى مالكه فيما بعد ، سواء
كان هذا السند اتفاقيا كعقد ايجار أو رهن حيازي ، أو قضائيا كحكم الحراسة أو
تشريعياً كالولاية .
ويقتضى
توافر هذا العنصر أن تكون الأعمال التي يقوم بها الحائز أعمالاً متعدية على الشئ ،
إذ لا تقوم الحيازة على الأعمال التي يقوم بها الشخص على أنها مجرد رخصة من
المباحات أو يتحملها الغير على سبيل التسامح ()..
شروط الحيازة:
يشترط في حيازة
الملك (الثبوت) ما يأتي :
1- القصد
بأن يكون الحائز للشيئ على قصد انه مالك له دون غيره ويعرف القصد بقرائن الحال
التي تدل على ذلك بأن يتصرف في الشيئ المحوز تصّرف الملاك.
2- أن
يجاهر الحائز للشيئ بملكيته له إذا ما نازعه فيه منازع وأن يتمسك بذلك أمام القضاء
في مواجهة من ينازعه في ملكيته.
3- أن لا
تقترن الحيازة بإكراه المالك أو من يمثله أو منازعته.
4- عدم
الخفاء بأن لا تحصل الحيازة خِفية أي أن لا يكون فيها لبس كأن يكون الحائز خليطاً
للمالك أو ممثلاً شرعياً له بالولاية أو الوصاية أو الوكالة أو يكون مخولاً حيازة
الشيئ حيازة إنتفاع أو نحو ذلك().
-
حيازة
القاصر:
تكون حيازة
الملك (الثبوت) لغير المميز بواسطة من ينوب عنه نيابـة شرعية ولياً كان أو وصياً().
- الحيازة بواسطة الغير:
يصح أن تكون
حيازة الملك بواسطة شخص آخر خاضع للحائز يأتمر بأوامره فيما يتعلق بها كالخادم
والعامل والأجير والشريك().
- عدم زوال الحيازة بغياب الحائز مؤقتاً أو لجنونه أو لصغره:
لا تزول حيازة الملك بمانع وقتي يمنع الحائز من السيطرة الفعلية على
الشيئ كغياب الحائز عن مكانه أو وجود عذر لديه من صغر أو جنون ونحو ذلك().
-
انتقال
الحيازة:
1-
تنتقل حيازة الملك من شخص إلى آخر بنفس الأسباب
التي تنتقل بها الملكية كالميراث والتصرف الناقل للملكية().
2- يجوز أن تنتقل حيازة الملك
دون تسليم مادي إذا أستمر الحائز الأول واضعاً يده لحساب سلفه بإجارة أو نحوها أو
أستمر الخلف الذي كان يحوز الشيئ حيازة إنتفاع باجارة أو نحوها في حيازة الشيئ
حيازة ملك لحساب نفسه بشراء أو نحوه().
3- تنتقل الحيازة للخلف العام
(الوارث) وللخلف الخاص (المشتري ونحوه) بصفاتها إلاّ أنه يجوز للخلف الذي يجهل ان
سلفه كان غير مالك (غاصب) للشيء الذي يحوزه أن يتمسك بأنه مالك الى أن يثبت العكس
، وللخلف أن يضم إلى مدة حيازته مدة حيازة سلفه في كل ما يرتبه القانون على
الحيازة من أثر().
-
اعتبار الحيازة
ملك:
من
كان حائزاً لشيئ أو حق أعتبر مالكاً له مالم يقم الدليل على غير ذلك().
-
مظاهر
الحيازة:
1- لا يثبت حق بيد في ملك الغير أو في حقه أو في حق عام إلاّ ببينة شرعية
واليد الثابتة على الشيئ قرينة ظاهـرة على الملك فلا يحكم للمدعي الخارج إذا لم
يبين ولا حلف رداً ولا نكل خصمه وإنما يقر ذو اليد على يده().
2- إذا بينَّ ذو اليد الثابتة وبينَّ الخارج رجحت بينة الخارج إلا لمانع
شرعي يمنع من ذلك، وإذا بينَّ خارجان كان الترجيح بينهما بالتحقيق أو النقل، والتحقيق
هو أن يثبت أن الشيئ نتج عنه ، والنقل هو أن يثبت أن الشيئ إنتقل إليه اما بشراء
أو نحوه أو بإبقاء كارث أو نحوه ، ويرجح ضمان التحقيق على ضمان النقل ويرجح ضمان
الشراء ونحوه على ضمان الإبقاء ، وإذا تساوت بينتا الخارجين قسم المدعى فيه بينهما().
-
سماع
الدعوى:
تسمع
دعوى الملك على ذي اليد الثابتة مطلقاً ويحكم للمدعي في دعوى الملك إذا أقر له ذو
اليد الثابتة أو بناء على مستندات كتابية خالية من شبهة التـزوير مستوفية للشروط
الشرعية أو بشهادة عدول ، فإذا لم توجد مستندات مستوفية للشروط أو شهادة عدول عمل
بالقرائن وتعتبر قرينة اليد الثابتة إذا لم تعارض بقرينه أقوى منها مع يمين ذي
اليد دليلاً كافياً اً().
-
الحكم عند
التعارض في المستندات:
عند التعارض بين المستند الكتابي المقـدم من مدعي
الملك وبين قرينة الثبوت يتبع ما يأتي:
1- ان
كان المستند الكتابي صادراً من أحد الحكام المعروفين وصرح فيه بلفظ يفيد الحكم فهو
حكم ويعمل بما جاء فيه مالم يثبت إلغاؤه أو تعديله من جهة أعلى لها إختصاص
بمراجعته.
2- أن
كان المستند الكتابي صادراً من كاتب معروف الخط. معروفاً بالعدالة. وكان مشهوداً
عليه من عدول وقرر فيه الكاتب والشهود معرفتهم بأن المتصرف تصرف وهو مالك لما تصرف
فيه عمل القاضي بما جاء فيه.
3- إذا لم يصرح الكاتب والشهود في المستند بأن المتصرف مالك لما تصرف فيه
وعليه تعميد مجمل من حاكم ، كان المستند قرينة ضعيفة تتساوى مع الثبوت فيلزم
الترجيح بينهما بمرجح.. ويكون للقاضي أن يسأل ذا اليد الثابته عن مستند ثبوته ـ
فإن قدمه وكان شراء أو هبة ونحوهما مكتوباً بخط كاتب معروف بالعدالة ، مشهوداً
عليه من شهود عدول ومذكوراً فيه أن الكاتب والشهود يعرفون أن المتصرف مالك لما
تصرف فيه حكم بمقتضاه وإن كان ميراثاً طلب القاضي من ذي اليد تقديم ما يتضمن ذكر
نصيبه من تركة مورثه ـ فان قدمه بحث القاضي في تملك المورث للموضوع المتنازع عليه
فان أعياه الحال ـ وتمسك ذو اليد الثابته بثبوته. نظر القاضي في أدلة مدعي الملك
وأدلة مدعي الثبوت مرجحاُ الأقوى على الأضعف بالقرائن مع مراعاة ما هو منصوص عليه
في المادة التالية().
-
الترجيح
بين الادلة:
عند
الترجيح بين أدلة مدعي الملك وبين الثبوت بالقرائن يتبع ما يأتي :
أ - ينظر إلى حالة ثابت اليد. وهل هو ممن يجوز
منه الإغتصاب ، أو من سلفه وقت إدعاء الإغتصاب. أم لا ، فإن وجد كذلك فهذه قرينه
تقوي حجة المتمسك بالمرقوم على ذي اليد.
ب - ينظر إلى مدة ثبوت ذي اليد ومتى بدأت فإن
كانت متأخرة عن التأريخ الذي كتب فيه المرقوم فهذه قرينه تقوي حجة المتمسك
بالمرقوم على ذي اليد.
ج- ينظر إلى حال المتمسك بالمرقوم وهل كان حاضراً
في مكان الشئ المتنازع عليه في مدة ثبوت ذي اليد ، أم كان غائباً أو ضعيفاً ، أو
ذا بلاهة كان ذلك مقوياً لحجته على ذي اليد.
د - ينظر
إلى حال الجهة التي حصل فيها النـزاع ، وهل تجري فيها الأحكام الشرعية وينصف
المظلوم من الظالم وقت إدعاء الغصب فإن كانت كذلك كان ذلك مقوياً للثبوت().
-
اللجوء إلى
القضاء عند النزاع:
ليس لمدعي الملك أن ينـزع يد
الثابت على الشئ بدون رضاه إلاّ بحكم قضائي وللمدعي أن يلجأ إلى القضاء ، ويجوز
للقاضي إن رأى ذلك للمصلحة أن يعدل الشئ المتنازع عليه ، بأن يأمر بتسليمه لعدل
لحفظه لحين الفصل في دعوى الملك بحكم نافذ ، فيسلم الشئ لمن حكم له().
-
التقادم(عدم
سماع الدعوى):
لا تسمع دعوى
الملك من حاضر على ذي اليد الثابتة الذي يتصرف تصرف المالك بلا مطالبة ولا قرابة
ولا مصاهرة ولا ظروف غير عادية تسود فيها الفوضى أو التغلب ويتعذر فيها الوصول إلى
الحق وذلك بعد مضي ثلاثين سنة من يوم وضع اليد. والعبرة في إعتبار الشخص غائباً عن
البلد هى بوجوده خارجها طوال المدة المقررة ويعتبر حاضراً إذا كان متردداً إليها ،
ويستثنى من ذلك الميراث والوقف والشراكة فلا تحدد بمدة ويلحق بذلك إذا كان هناك
قرائن قوية دالة على صدق الدعوى فتسمع تأكيداً لحفظ الحقوق().
ولما سبق فالحيازة تصرف وانتفاع وزرع وعمل وتعمير وبناء وسكن على
العقار الذي يحوزة الشخص فهي واقعه ماديه وقانونية تعطي الحائز حق التصرف والزرع
والبناء والبيع والسكن وكل صوره من صور الحيازة التي يمكن أن يقوم بها المالك لتلك
الارض التي يحوزها دونما منازع وأن تكون تلك الارض أو العقار قد ألت للحائز بطريقة
من الطرق التي حددها القانون.
والحمد
لله رب العالمين
وصلى
الله وسلم على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
أضف تعليق