إعلان علوي

آخر الاخبار

*حكم حيازة أرض الدولة قبل صدور القانون*



*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖➖

*▪️من الإشكاليات الواقعية قيام كثير من الناس  بالبسط والثبوت  على أراضي وعقارات الدولة وحيازتها قبل صدور قانون أراضي وعقارات الدولة بتاريخ 21اغسطس 1995حيث يتمسك هؤلاء بالحيازة والثبوت على أراضي الدولة بموجب أحكام الحيازة المنصوص عليها في القانون المدني، في حين أن قانون اراضي وعقارات الدولة وهو القانون الخاص الواجب التطبيق على اراضي وعقارات الدولة ينص صراحة في المادة (7) على عدم سريان احكام الحيازة والتقادم على اراضي وعقارات الدولة، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى هذه الإشكالية، فالحكم محل تعليقنا هو الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 13/1/2013م في الطعن رقم (46453)، وتتلخص وقائع القضية التي تناولها هذا الحكم ان شخصاً كان يقوم بالإنتفاع بجزء من تل جبلي في مدينة حيث كان يقوم بنشر وتجفيف ملابس زبائنه قبل ظهور الغسالات البخارية الحديثة، وقد هجر ذلك الشخص مهنته تلك بعد ظهور الغسالات البخارية الحديثة ولذلك فقد قام مكتب أراضي الدولة بصرف تلك الأرض لأحد الأشخاص غير الشخص الذي كان ينتفع بها في نشر الغسيل ، فتقدم الشخص الحائز للأرض بدعوى ذكر فيها ان والده كان يقوم بنشر الغسيل على ذلك التل منذ 1949م لان مهنته هي غسل الثياب (غسالة) وان المدعي قد واصل العمل في مهنة ابيه، وقد تدخل مكتب أراضي الدولة ورد على الدعوى بانه لا يجوز التمسك بالحيازة بالنسبة لأراضي الدولة وان إنتفاع المدعي كان عارضاً لايعد حيازة حقيقية وهو نشر الغسيل كما أن المدعي لم يعد ينشر الغسيل على ذلك المكان  في الوقت الحاضر ولم يعد ينتفع بذلك التل محل النزاع، وقد توصلت المحكمة الابتدائية إلى الحكم بعدم قبول الدعوى وإلزام هيئة الأراضي بتأجير المدعي المنتفع بالأرض محل النزاع وإلغاء عقد الإيجار الذي ابرمته مع المستاجر الجديد ، لثبوت انتفاع المستانف بها بعلم المدعى عليها المستانف ضدها، فلم يقبل المدعي بالحكم ،فقام باستئناف الحكم طالباً تطبيق أحكام الحيازة على حيازته وثبوته على الأرض محل النزاع وان الأرض محل النزاع قد صارت ملكاً خالصاً له بموجب أحكام الحيازة المنصوص عليها في المواد من (1110 حتى 1118) من القانون المدني، وقد قضى الحكم الاستئنافي بإلغاء الحكم الابتدائي وتمليك المستأنف الأرض محل النزاع (لانه قد وضع يده عليها لأكثر من ثلاثين سنة ظل يتصرف خلال تلك المدة في الأرض تصرف المالك دون منازع،ولذلك فانه يعتبر مالكاً للأرضية وفقاً لأحكام الحيازة والثبوت الواردة في المواد (من 1110 حتى 1118) من القانون المدني) وكذا قضى الحكم الاستئنافي بإلغاء عقد الإيجار الذي ابرمته هيئة الأراضي مع المستأجر الجديد، وعند الطعن بالنقض في الحكم الاستئنافي رفضت الدائرة المدنية طعن هيئة الاراضي وأقرت الحكم الاستئنافي، وقد ورد ضمن أسباب حكم المحكمة العليا (اما نعي الطاعنة الهيئة العامة للأراضي التي افادت ان الأرض محل النزاع قد قامت الهيئة بصرفها المستاجر الأخير دون ان يتأكد المختصون من صحة إجراءات الصرف وكذا بقية المسائل المثارة في طعن الهيئة، حيث وجدت الدائرة ان تلك المسائل موضوعية تتعلق بسلطة محكمة الموضوع بتقدير الدليل) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖➖

*الوجه الأول: أحكام الحيازة في القانون المدني:*


*▪️نظم القانون المدني أحكام الحيازة والثبوت في المواد من (1110 إلى 1118) حيث جعل القانون الحيازة سبباً مكسباً للملكية شريطة ان تكون يد الحائز صحيحة أي ان لا يكون غاصباً لها وان تكون الحيازة مستقرة ومستمرة لمدة ثلاثين سنة، ومع ذلك فقد نص القانون على جواز قبول دعوى المالك  ضد الحائز اذا كانت لدى المالك ادلة على ملكيته حسبما ورد في المادة (1118) مدني، وحكم الحيازة والثبوت في القانون المدني حكم عام يسري على كافة الأراضي والعقارات بإعتبار القانون المدني قانون عام.*

➖➖➖➖➖➖

*الوجه الثاني: أحكام الحيازة والثبوت في قانون أراضي وعقارات الدولة:*


*▪️تنص المادة (7) من قانون أراضي وعقارات الدولة على أنه (لا تسري على أراضي وعقارات الدولة أحكام التقادم حتى ولو لم تكن مقيدة في سجلات المصلحة أو السجل العقاري) فهذا النص صريح في عدم سريان أحكام الحيازة والثبوت والتقادم على أراضي وعقارات الدولة، وعدم جواز تمسك الحائز لارض الدولة بالحيازة في مواجهة الهيئة العامة للأراضي، ومعلوم وفقاً للقواعد العامة ان القانون المدني قانون عام وان قانون أراضي وعقارات الدولة قانون خاص وان القانون الخاص مقدم على القانون العام عند التطبيق، أي ان النص الواجب التطبيق على حيازة أراضي وعقارات الدولة هو النص الوارد في قانون أراضي الدولة وليس أحكام الحيازة المنصوص عليها في القانون المدني.*

➖➖➖➖➖➖

*الوجه الثالث: الحيازة والثبوت على أراضي الدولة قبل صدور قانون أراضي وعقارات الدولة:*


*▪️تناول الحكم محل تعليقنا قضية كان المدعي فيها ثابتاً وحائزاً على أرض الدولة قبل صدور قانون أراضي وعقارات الدولة بمدة طويلة، وقد بيّن قانون أراضي الدولة حكم الحيازة والثبوت على أراضي الدولة قبل صدور القانون حيث نصت المادة (58) من قانون أراضي الدولة على ان (كل شخص طبيعي أو إعتباري اقدم بالبسط قبل صدور هذا القانون على أي من أراضي أو عقارات مملوكة للدولة يعد معتدياً ويعاقب بالعقوبة المحددة بالمادة (48) من هذا القانون ويعفى من العقوبة كل من بادر بإخطار المصلحة كتابياً بما تحت يده على أن يتضمن الإخطار بيان بموقع الأرض ومساحتها وابعادها وأطوالها وأية بيانات أخرى وما استحدثه في الأرض ألتي بسط عليها وذلك خلال مدة اقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ الإعلان الموجه من المصلحة عبر وسائل الإعلام المختلفة ويترتب على فوات هذا الميعاد إعتبار المتخلفين معتدين على ما تحت ايديهم من أراضي وتتخذ المصلحة بالتنسيق مع الجهات الأمنية والقضائية الإجراءات الكفيلة بإسترداد الأرض بالطرق الإدارية وملاحقة المعتدين وتسليمهم للقضاء) ومن خلال إستقراء هذا النص يظهر جلياً أن البسط على أرض الدولة جريمة يعاقب عليها القانون ويعفى منها الذي يقوم بإبلاغ هيئة الأراضي وتوفيق وضعه على الأرض باستئجارها من الهيئة ،وان الذي لا يبادر بالإبلاغ خلال ثلاثة أشهر من إعلان هيئة الأراضي للباسطين على أرض الدولة يكون مرتكباً لجريمة الإعتداء على أرض الدولة، علماً بان المقصود بالبسط هو قيام الشخص بالبناء على أرض الدولة من غير ان يستأجر الأرض من الهيئة او قيام الشخص بتسوير الأرض أو وضع مواد عليها تدل على انه باسط أو حائز للأرض وظاهر عليها بمظهر المالك، كما يتحقق البسط على أرض الدولة بقيام الشخص بمنع المواطنين الاخرين من الإنتفاع بها في المنفعة المخصصة لها، كما يقرر النص احقية الهيئة في إسترداد الأرض المستولى عليها بالطرق الإدارية والقضائية، والله اعلم.*

ليست هناك تعليقات

فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا