نقل الولاية على القاصر والتنصيب عليه
أ.د/ عبد المؤمن شجاع
الدين
الأستاذ بكلية الشريعة
والقانون – جامعة صنعاء
من المعلوم أن الشرع والقانون هو الذي يحدد الولي الشرعي على
القاصر، واشترط الشرع والقانون في الولي الشروط اللازمة وهي البلوغ والعقل والرشد
والعدالة والمحافظة على الشعائر الإسلامية والأمانة والقدرة على القيام بواجبات
الولاية على القاصروعدم التقصير والاهمال.
فإذا مات الولي أو تخلفت فيه شروط الولاية تنتقل منه الولاية إلى الولي الذي يليه في المرتبة ، فالولي على القاصر هو الاب فإن مات الأب انتقلت الولاية إلى الجد وإن علا ثم الإبن وإن سفل ثم الأخوة ثم ابناؤهم ثم الأعمام ثم ابناؤهم على النحو المقرر في المادة (16) أحوال شخصية، فعند موت الولي أو إذا تخلف فيه شروط الولاية انتقلت الولاية منه إلى الولي الذي يليه، ففي حالة موت الولي فإن الولاية تنتقل من الميت إلى الولي الذي يليه في المرتبة من غير حاجة إلى حكم بذلك سوى شهادة وفاة الولي الذي انتقلت منه الولاية بموته، أما في حالات تخلف شروط الولاية في الولي كالجنون والغياب والفقدان والعجز والإهمال وغيرها فإن نقل الولاية في هذه الاحوال يحتاج إلى تحقيق موضوعي تقوم به المحكمة المختصة ، ولذلك فإن الولاية لا تنتقل في هذه الأحوال إلا بموجب حكم شرعي يقضي بنقل الولاية إلى الولي الذي يلي الولي الذي تخلف فيه شرط الولاية ، فإن لم يجد القاضي الولي أو وجده ولكن تخلفت فيه شروط الولاية، فعندئذٍ يقرر القاضي عزل الولي السابق فان لم يكن للقاصر وصي فان القاضي يعين منصوبا للقيام باعباء المحافظة على القاصروعلى امواله،لأن رعاية القاصر وحفظ امواله واجب شرعي وقانوني، وقيام القاضي بتنصيب من يقوم بأعمال الولاية على القاصر مظهر من أهم مظاهر (القاضي الحاكم) الذي يمثل حاكم او إمام المسلمين أو ولي الأمر الذي يعد ولي من لا ولي له، فرئيس الدولة أو إمام المسلمين حينما يعين القاضي لا يقصر عمله على الفصل في الخصومات فقط بل للقاضي بموجب هذا التعيين ان يباشر بعض مظاهر الحكم نيابة عن رئيس الدولة الحاكم العام للدولة ، ومن ذلك القيام بأعمال الولاية لمن لاولي له، فهذا المفهوم يجعل القاضي الحاكم ولي من لا ولي له، فإذا تعذر على القاضي القيام بأعمال الولاية على القاصرين بنفسه وجب عليه أن يعين منصوباً عنه للقيام بذلك الواجب.(رقابة القضاء على أموال القاصرين، أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص27)، وقد قضى بذلك الحكم الصادر عن الدائرة الشخصية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 22-4-2017م في الطعن رقم (59339)، وقد ورد ضمن أسباب الحكم المشار إليه: (وبعد التأمل وجدنا: أن حكم الاستئناف هو الموافق للشرع والقانون لما ظهر من تقصير الولي على القاصرين أولاد ابنه وقيامه بطردهم مع امهم من بيته ، ولذلك فقد قضى الحكم الاستئنافي بتنصيب أم القاصرين للقيام بأمرهم)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الآتية:
الوجه الاول: ماهية الولي على القاصر وترتيب الأشخاص الذين يتولوا
أمر القاصر:
القاصر: إما أن يكون صغير السن لم يبلغ وإما أن يكون مجنوناً،
والقاصر يكون عديم الأهلية أي عديم الإدراك أو ناقص الأهلية، ولذلك فإن القاصر
يحتاج إلى من يمثله قانوناً أمام كافة الجهات والأشخاص ويقوم برعايته ورعاية شئونه
داخل المنزل وخارجه ، فالحضانة تقتصر على القيام بأمر القاصر والمحافظة عليه داخل
المنزل، أما الولاية فإنها تشمل الإنفاق على القاصر ورعاية شئونه داخل المنزل
وخارجه، بالإضافة إلى إحتياج القاصر إلى من يتولى المحافظة على امواله والدفاع
عنها وادارتها بما يعود بالنفع على القاصر وعلى ماله وبما يحفظ حقوق القاصر
ومصالحه.
اما بشان ترتيب المسئول عن الولاية على القاصر فقد نصت المادة
(262) من قانون الأحوال الشخصية اليمني على أن (الوصي مقدم على القاضي وإذا مات
ولم يوص ففي رعاية الصغار وأموالهم يقدم الأب ثم وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم القاضي).
الوجه الثاني: سلطة القاضي في إسقاط ولاية المهمل أو عزل الولي إذا
اهمل أو قصر في رعاية القاصر:
الولاية والحضانة والوصاية حق للصغير أو القاصر، لأن الشريعة
والقانون قررا الولاية والحضانة والوصاية للمحافظة على الصغير ورعايته والقيام
بأمره وحفظ امواله والدفاع عنها وإدارتها، وعلى هذا الأساس فإن الولاية والحضانة
والوصاية حق للصغير أو القاصر، وهذا الأمر من النظام العام، والقاضي هو الحارس
الأمين للنظام العام، ولذلك فللقاضي إذا تم رفع الامر اليه أن يعزل الولي أو الوصي
أو المنصوب على القاصر إذا أهمل أو قصر في القيام بواجباته الشرعية والقانونية في
رعاية الصغير أو القاصر أو قصر أو فرط في أموال القاصر ،وفي قرار عزل الولي أو
غيره يجب على القاضي النص في الحكم على إنتقال الولاية إلى الشخص الذي يلي الولي
المعزول في المرتبة ، وإن لم يكن هناك ولي آخر أو وصي فيجب على القاضي أن يقوم
بتنصيب (منصوب) يتولى رعاية القاصر وحفظ امواله، لأن ولاية القاضي على القاصرين
متأخرة عن الولاية أو الوصاية، وفي هذا المعنى نصت المادة (262) أحوال شخصية على
أن (الوصي مقدم على القاضي وإذا مات ولم يوص ففي رعاية الصغار وأموالهم يقدم الأب
ثم وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم القاضي).
الوجه الثالث: سلطة القاضي في تنصيب من يقوم برعاية القاصر وحفظ
أمواله:
سبق أن ذكرنا في الأوجه السابقة أن ولاية القاضي على القاصر تأتي
متأخرة حسب ما هو مقرر في المادة (262) أحوال شخصية السابق ذكرها ، فقد ورد ذكر
القاضي في نهاية النص المشار إليه.
وتتأسس سلطة القاضي في التنصيب عمن يقوم بشئون القاصرين تتأسس على
أساس أن القاضي (الحاكم) هو ولي من لا ولي له، فطالما أن القضية أو الخلاف بشأن
رعاية القاصرين وأموالهم منظور أمام القاضي فأنه يجب على القاضي أن يقوم بالتنصيب
عن القاصر إذا قضى القاضي بعزل الولي ولم يجد ولياً آخراً ينقل إليه الولاية أو لم
يجد وصياً، لأن القاضي وإن كان ولي من لا ولي له فإنه يتعذر على القاضي القيام
بنفسه بأعمال الولاية ولذلك يجب عليه أن يعين منصوباً للقيام برعاية القاصر وإدارة
أمواله وتنظيم شئونه، وفي هذا المعنى نصت المادة (263) أحوال شخصية على أن (تعين
المحكمة منصوباً (وصياً) لمن لا وصي له ولا ولي له مع مراعاة ما ورد في المادة (262) ) والمادة (262) هي التي سبق ذكرها في الوجه السابق.
الوجه الرابع: من هو (المنصوب) الذي تعينه المحكمة لرعاية أموال
القاصرين:
نصت الفقرة الأخيرة من المادة (262) أحوال شخصية على أنه (ففي رعاية الصغار وأموالهم يقدم
الأب ثم وصيه ثم الجد ثم وصيه ثم القاضي) فهذا النص جعل القاضي في نهاية
الترتيب ، كما أن هذا النص صرح بأن الرعاية تكون للقاصرين ولأموالهم، ولذلك يجب
على القاضي أن يحسن إختيار المنصوب بحسب الإحتياج ، فإذا كان مال القاصر قليلاً
وكان الغرض منه هو النفقة على القاصر، ففي هذه الحالة يقوم القاضي بتنصيب أم القاصر لأنها الأجدر في إدارة نفقة
القاصر واحتياجاته مثلما قضى الحكم محل تعليقنا، أما إذا كانت أموال القاصر
أموالاً جسيمة واستثمارات ومشاريع تجارية أو انشطة استثمارية فيجب على القاضي أن
يختار المنصوب المناسب الذي لدي الخبرة في هذه المجالات والانشطة ،ولديه القدرة
اللازمة على إدارة ورعاية القاصرين واموالهم.
الوجه الخامس: واجب القاضي في الرقابة على الأولياء والأوصياء
والمنصوبين على القاصرين:
من المظالم الكبيرة والمفاسد العظيمة في اليمن عدم وجود هيئة
لرعاية شئون القاصرين والمفقودين، فما أكثر الأيتام في المجتمع اليمني وما أكثر
المجانين وما أكثر المفقودين وما أكثر الغائبين، هؤلاء جميعهم تستباح أموالهم من
غير رقيب أو حسيب، هؤلاء المساكين تنتهك حقوقهم، هؤلاء الضعفاء المساكين لا صوت
لهم ولا نصير لهم، ولذلك فهذه الفئة هي الفئة المهمشة حقيقة في المجتمع اليمني
وليس غيرها.
نعم النصوص القانونية الواردة في قانون الأحوال الشخصية منحت
القاضي حق الرقابة على الأوصياء والمنصوبين غير ان إمكانيات وطاقات قاضي الأحوال
الشخصية في الوضع الراهن لا تمكنه من النهوض بهذا الواجب ،لأن شريحة القاصرين واسعة
جداً، أذكر ان أحد قضاة الأحوال الشخصية قام بإعداد سجل لحصر عدد الأيتام
والمجانين والمفقودين ضمن نطاق إختصاص المحكمة التي يعمل فيها بأمانة العاصمة حتى
يتمكن من بسط الرقابة على الاولياء والاوصياء والمنصوبين على هولاء، فوجد هذا
القاضي أن المحكمة كلها عاجزة بكل إمكانياتها وطاقاتها وكوادرها عاجزة عن بسط
رقابتها على الأوصياء والمنصوبين في نطاق إختصاص تلك المحكمة، ولذلك فإن الواجب
الديني والإخلاقي والإنساني يقتضي إنشاء (الهيئة العامة للقاصرين ومن في حكمهم)
أسوة بما هو موجود في كل دول العالم إلا اليمن. (رقابة القضاء على أموال القاصرين،
أ.د. عبد المؤمن شجاع الدين، ص37)، والله اعلم.
الباب الثاني
في الوصـــــــــــي
الفصل الأول
تعريف الوصي وشروطه
مادة (261): الوصي هو الذي يقيمه المورث في تركته لتنفيذ وصاياه أو
لقضاء ديونه أو إستيفائها أو لرعاية قصارة وأموالهم أو لكل ذلك ويجوز للوصي ان
يوصي غيره فيما هو وصي فيه فيقوم وصيه مكانه بعد موته.
مادة (262): الوصي مقدم على
القاضي وإذا مات ولم يوص ففي رعاية الصغار وأموالهم يقدم الأب ثم وصيه ثم الجد ثم
وصيه ثم القاضي.
مادة (363): تعين المحكمة منصوباً (وصياً) لمن لا وصي له ولا ولي
مع مراعاة أحكام المادة (262).
مادة (264): إذا توفى الوصي أو حجر عليه أو أفلس فعلى المحكمة أن
تعين منصوباً (وصياً) عن القاصر وإذا غاب الوصي أو أعتقل وخشى من غيابه أو إعتقاله
تعرض مصلحة القاصر للضياع فعلى المحكمة ان تعين منصوباً (وصياً) مؤقتاً ، مع
مراعـاة أحكام المادة (262).
مادة (562):إذا مات المورث عن ورثة بالغين دون أن يوصي إلى
أحد وعليه ديون ولـه حقوق فعند إختلاف
الورثة تعين المحكمة من بينهم من يقوم بهذه الواجبات ، وإذا قبض أحد الورثة شيئاً
فليس له أن يستبد به ولو بقدر نصيبه في التركة ، وإذا أشترى الوارث بمال من التركة
وطلب الورثة أشتراكهم فيه كل بقدر نصيبه أجيبوا إلى ذلك وإلا كان لهم الرجوع بعين
مالهم.
مادة (267):المشرف والرقيب والمشروط علمه ورأيه يقتصر عملهم على
الإشراف أو الرقابة أو العلم أو الرأي إلا إذا نص الموصي على غير ذلك.
فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا