إعلان علوي

آخر الاخبار

الطبيعة القانونية لدفوع عدم قبول الدعوى

 
الطبيعة القانونية لدفوع عدم قبول الدعوى

القاضي عبد الستار ناهي عبد عون


2021-05-04 09:04:00

دفع بعدم قبول الدعوى

قبل الخوض بمفهوم الطبيعة القانونية لدفوع عدم قبول الدعوى, لابد من بيان المراد بدفع عدم قبول الدعوى, فقد اورد الفقه عدة تعريفات للدفع بعدم قبول الدعوى منها انه "منع المحكمة من نظر الدعوى التي تختص بها لان حق المدعي في طلب الحماية القضائية يتعين عدم قبوله لتخلف شرط من شروط القبول", كما عُرّف بأنه "الوسيلة الإجرائية التي حددها المشرع للمدعى عليه للتمسك بتخلف الشروط القانونية الواجب توافرها في الدعوى القضائية والتي تكون لازمة لقبول هذه الدعوى", كما عُرّف بأنه "وسائل دفاع لا تتعرض مباشرة لاساس الحق المدعى به, انما تستهدف رد الدعوى بعدم توافر الشروط اللازمة لقبولها".

يفهم مما ذُكر ان الدفع بعدم قبول الدعوى هو الدفع الذي لا يرد على إجراءات الخصومة ولا يوجه لاصل الحق بل يهدف الى انكار سلطة المدعي باستعمال الدعوى اي عدم توافر الشروط اللازمة قانونا لسماع الدعوى وهي الاهلية والصفة (الخصومة) والمصلحة, فهو يوجه الى الوسيلة التي يحمي بها صاحب الحق حقه وفيما اذا كان جائزا استعمالها ام ان شرط الاستعمال غير جائز لعدم توافر شرط من الشروط العامة التي يتوجب توافرها لقبول الدعوى او لعدم توافر شرط خاص من الشروط المتعلقة بذات الدعوى المرفوعة. فتخلف هذه الشروط يعطي للمدعى عليه الحق بالدفع بعدم قبول الدعوى.

 

وظهرت فكرة الدفع بعدم القبول للوجود القانوني في القرن السابع عشر في فرنسا ولكنها لم تدخل حيز التشريع لحين صدور قانون المرافعات الفرنسي الجديد رقم 1123 في 5/ كانون الاول/1975 والنافذ عام 1976 الذي عرّف الدفع بعدم القبول بأنه "كل دفع ينكر به الخصم - ودون المساس بموضوع- دعوى خصمه على اساس انتفاء شروط قبول دعواه ويكون ذلك بسبب فقد الصفة او الأهلية او المصلحة". 

 

وقد اختلفت الآراء في تحديد الطبيعة القانونية بدفوع عدم قبول الدعوى, اذ ذهب البعض انها دفوع شكلية لانها تهدف الى استبعاد طلب الحق نظرا لان الدعوى لم تباشر من خلال الشروط الواجب توافرها لاستعمالها استعمالا مقبولا من وجهة اجرائية, وذهب البعض الى القول بأنها احد فروع الدفوع الموضوعية لانها من الدفوع التي تختلط بوسائل الدفاع الموضوعية, ومبنى هذا الرأي ان دفع عدم القبول يتوجه الى شروط نشأة الحق في الدعوى او شرط قبولها, وهذه وسائل تتعلق بالمراكز الموضوعية وبالنتيجة يكون الدفع بعدم قبول الدعوى هو هدف موضوعي.

 

ومما قيل ايضاً بهذا الصدد ان الدفع بعدم قبول الدعوى وبخاصة الدفع بعدم قبولها لانعدام صفة المدعي في رفعها هو دفع موضوعي يقصد به الرد على الدعوى نفسها, ويترتب على الحكم بقبوله ان يخسر المدعي دعواه بحيث لا يستطيع العودة اليها, واذن فإن المحكمة وهي تقضي بقبوله تفصل في موضوع الدعوى ولا يغير وجه المسألة ان المحكمة وقد قبلت الدفع وقضت برفض الدعوى او بعدم قبولها لم تتعرض للنظر في سائر ما اثير امامها من الدفوع الموضوعية لاستغنائها عن البحث فيها. كذلك لا يغير وجه المسألة ان يحصر المدعى عليه دفاعه في موضوع الدعوى في الدفع بعدم قبولها مكتفيا به عن ابداء غيره من الدفوع.

 

وفي جميع هذه الصور تستنفد محكمة الدرجة الاولى سلطاتها في نظر الدعوى وتخرج القضية برمتها من ولايتها وتدخل في ولاية محكمة التمييز, ولها الحكم برفض الدفع الذي قبلته محكمة الدرجة الاولى ويتعين عليها ان تتدرج الى النظر في كل ما يتعلق بموضع الدعوى لتفصل في طلبات المدعي, فيما ذهب رأي اخر الى تقسيم داخلي لدفوع عدم القبول من خلال تقسيمها الى طائفة الدفوع بعدم القبول التي تتعلق بالموضوع, وطائفة الدفوع بعدم القبول التي تتعلق بالاجراءات, وبالتالي سريان حكم الدفوع الموضوعية على الطائفة الاولى, وسريان الدفوع الشكلية على الثانية.

 

وان جانباً من الفقه يعدّ هذه الدفوع وسطا بين الدفوع الموضوعية والشكلية, فهي تتفق مع الدفوع الموضوعية من حيث جواز التمسك في اية مرحلة من مراحل الدعوى ولا تسقط بالدخول باساس الدعوى, وتختلف عنها في انها لا تتعلق باصل الحق موضوع الدعوى بل بإنكار وجود الدعوى وجوهرها وعدم قبولها, لانتفاء الاهلية او الخصومة او المصلحة, فهي موجهة للوسيلة التي يحمي بها صاحب الحق حقه, وتتشابه مع الدفوع الشكلية بانها لا تنصب على اصل الحق المدعى به انما توجه الى حق الدعوى ذاته, وتختلف عنها بانها لا تتعلق باجراءات التقاضي بل تتعلق بحق اقامة الدعوى وتوافر شروطها.

 

ونرى ما يراه هذا الجانب من الفقه ذلك ان الدفع بعدم قبول الدعوى كما يتضح مما تقدم تفصيله انه ذو طبيعة مختلطة ويغلب عليه الطابع الموضوعي للدفوع.

 

وان قانون المرافعات المدنية العراقي رقم 83 لسنة 1969 المعدل اخذ بالمبدأ العام في ان الدفوع تثار من الخصوم وخصوصاً المدعى عليه ومنها الدفع بعدم قبول الدعوى, وكما تستطيع المحكمة اثارته من تلقاء نفسها لتعلقه بالنظام العام, وجاء نص المادة (80) من قانون المرافعات بهذا المآل اذ نصت على انه اذا:-

 

1- اذا كانت الخصومة غير متوجهة تحكم المحكمة ولو من تلقاء نفسها برد الدعوى دون الدخول في اساسها.

 

2- للخصم ان يبدي هذا الدفع في اية حالة تكون عليها الدعوى.

 

ولا يقتصر الدفع بعدم قبول الدعوى امام محكمة الدرجة الاولى, بل اجاز القانون ابداءه امام محكمة التمييز لاول مرة, اذ نصت الفقرة (3) من المادة (209) من قانون المرافعات لا يجوز احداث دفع جديد ولا ايراد ادلة جديدة امام المحكمة المختصة بالنظر في الطعن تمييزا باستثناء الدفع بالخصومة والاختصاص وسبق الحكم في الدعوى ويترتب على عدم اثارة المحكمة لدفع عدم القبول من تلقاء نفسها اذا تعلق بالنظام العام خطأ في تطبيق القانون الموجب لنقض الحكم الصادر, ومن صور الدفع بعدم قبول الدعوى في قانون المرافعات المدنية ايضا سقوط الحق عند عدم مباشرته خلال المدة المحددة قانونا كإقامة دعوى الملكية وخسرانها يسقط الادعاء بالحيازة.

للمزيد انظر الموقع

https://www.hjc.iq/view.68363/

ليست هناك تعليقات

فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا