(نفقة الزوجة ودورها في الأمن الإجتماعي )
الدكتور ماهر معروف فالح النداف
كلية العلوم التربوية والآداب / الأونروا
بحث مقدم لمؤتمر الأمن الإجتماعي
جامعة آل البيت 2012
-الفرع الأول : تعريف النفقة
-المطلب الأول :
النفقة لغة: نفق البيع ينفق بالضم نفاقاً راج ، والنفاق بالكسر فعل المنافق ، وأنفق الرجل افتقر وذهب ماله ومنه قوله تعالى : ( إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق ) (1) أي خشية الفناء والنفاذ.
نفق نقص وقل ، وقيل فني وذهب ،وأنفقوا نفقت أموالهم ونفق الرجل إذا افتقر وأنفق ماله صرفه وفي التنزيل ( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله ) (2) أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا وتصدقوا .
والنفقة ما أنفق ، وحكى اللحياني نفذت نفاق القوم ونفقاتهم بالكسر إذا فنيت
ونفق الزاد ينفق أي نفذ ، وقد أنفقت الدراهم من النفقة ، ورجل منفاق أي كثير النفقة .
ويقال :نفقت الأيم أي كثر خطابها .
والنفق سرب في الأرض و في التنزيل ( فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء )(3) . (4)
- المطلب الثاني: النفقة شرعاً :
عند إطلاق كلمة النفقة يراد بها ما يصرفه الإنسان على غيره من نقود وأموال ونحوها . (1)
والنفقة ( هي إخراج الشخص مئونة من تجب عليه نفقته من خبز وأدم وكسوة ومسكن ، وما يتبع ذلك من ثمن ماء ، ودهن ، ومصباح ، ونحو ذلك ) (2)
والنفقة ( اسم لما يصرفه الإنسان على زوجته وعياله ومماليكه من طعام وكسوة ومسكن أما نفقة الزوجة فيراد بها ما تحتاج إليه لمعيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخدمة ، وما يلزمها من فرش وغطاء ، وسائر أدوات البيت ،بحسب المتعارف بين الناس)(3)
ونفقة الزوجة (ما يفرض للزوجة على زوجها من مال للطعام والكساء والمسكن والتطبيب والحضانة وغيرها ) (4)
مما تقدم يتبين لنا أن النفقة اسم لما يصرفه الشخص وينفقه على من يلزم بنفقته ، وهو في موضوعنا الزوجة ، والتّعريفات كما يلاحظ كلها متوافقة والفرق بينها هو تضمينها لمحتويات النفقة التي بعضها محل اتفاق وبعضها محل خلاف كما سيأتي معنا في محتويات النفقة .
- الفرع الثاني : حكم النفقة ودليلها :
تجب نفقة الزوجة على زوجها سواء كانت فقيرة أم غنية ومن عبارات الفقهاء في ذلك : ( نفقة الزوجة على الزوج سواء كانت غنية أم فقيرة ) (1) .
( تجب على الزوج نفقة زوجته إجماعاً ) (2) .
( وينفق على امرأته غنية كانت أم فقيرةً بحبسها على نفسه ) (3) .
واستدلوا على وجوب نفقة الزوجة على زوجها بأدلة منها :
أولاً : الكتاب :
قوله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ، ومن قدر عليه رزق فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ) (4) .
قوله تعالى :( قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم ، لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفوراً رحيماً ) (5) .
قوله تعالى :( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) (6) .
وجه الدلالة : المولود له هو الزوج، فتجب عليه نفقة الزوجة والولد .
قوله تعالى :( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) (7) .
وجه الدلالة : دلت الآية على أن النفقة من مال الزوج وليس من مال الزوجة .
ثانياً : من السنّة :
عن عائشة قالت : دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم – فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما آخذ من ماله بغير علم أفهل علي في ذلك جناح ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) (1) .
وجه الدلالة : الحديث دليل على وجوب نفقة الزوجة على زوجها .
وهذا الحديث من اشهر الأدلة في باب النفقات ، فلا يكاد يخلو كتاب تكلم على النفقات من الاستشهاد به ومن ذلك : ( الشافعي في الأم (2) وابن قدامة في المغني (3) والشوكاني في نيل الأوطار (4) .
( أن النبي -صلى الله عليه وسلم – سأله رجل ما حق المرأة على الزوج قال :
تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ) .
حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل على أهلك شيء فلذوي قرابتك )(5)
حديث حجة الوداع وفيه قوله عليه الصلاة والسلام : (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بالمعروف بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم نفقتهن وكسوتهن بالمعروف ) (6)
ثالثاً : الإجماع :أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها وقد نقل هذا الإجماع جمع من العلماء ومن ذلك :
( أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها ) (1)
( اتفق أهل العم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن ) (2)
( وجوب نفقة الزوجة على زوجها ، وهو مجمع عليه ) (3)
( نفقة الزوجة واجبة بالنصوص والإجماع ) (4)
( ثبت الإجماع على وجوب نفقة الزوجات على الأزواج ولم يرد في ذلك خلاف)(5).
رابعاً : المعقول : ( إن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف والاكتساب فلا بد أن ينفق عليها ) (6)
والمرأة إذا سلمت نفسها لزوجها على الوجه الواجب عليها فلها على هذا الزوج جميع حاجاتها كالعبد مع سيد مالا غنى لها عنه من النفقة والكسوة بالمعروف . (7)
ومن حكمة الله عز وجل أنه أكرم هذه المرأة عن حاجة الناس فلا تخلو امرأة عن منفق عليها فإما أن تكون بغير زوج فوليها سواء كان أباً أو أخاً أو عماً ملزم بنفقتها ، وإن كانت متزوجةً فزوجها ملزم بنفقتها ، وإن طلقت أو توفي زوجها عادت نفقتها على وليها الملزم بنفقتها لو لم تكن ذات زوج ، بالإضافة إلى إلزام الابن بنفقة أمه إذا كانت أماً فكم أكرم الإسلام المرأة ورفع من منزلتها .
الفرع الثالث: محتويات النفقة :
مع إجماع العلماء على وجوب نفقة المرأة على زوجها كما أسلفت في أدلة وجوب النفقة ، إلا أنهم اختلفوا في إعداد و تفصيل المحتويات التي تشملها هذه النفقة الواجبة للزوجة، وبمطالعة نصوص العلماء في محتويات النفقة نجدهم أشاروا إلى أربعة أشياء : الطعام والشراب والكسوة والمسكن ، ومن ذلك :( تجب للمرأة على زوجها هذه الأربعة: الطعام والشراب والكسوة والمسكن ، فإذا أعطاها هذا الأربعة فقد خرج إليها من نفقتها، فإن تفضل بعد ذلك فهو مأجور، فأما هذه الأربعة فلا بدلها منها ، لأن بها إقامة المهجة ) (1)
( وعلى الزوج نفقة زوجته ما لا غناء بها عنه وكسوتها ، وجملة الأمر أن المرأة إذا سلمت نفسها لزوجها على الوجه ، فلها عليه جميع حاجاتها من مأكول ومشروب وملبوس ومسكن ) (2).
( يلزم الرجل نفقة زوجته قوتاً وكسوة ومسكن ) (3).
وذكر كثير من العلماء ما يتعلق بنظافة المرأة من أدوات التنظيف الضرورية ومن ذلك : ( وعليه ما يعود بنظافة المرأة من دهن وسدرٍ ومشط ثمن ماء ) (4) .
( ويجب لها ما تحتاج إليه من الدهن للرأس و السدر والمشط )(5) .
( ويجب للزوجة على زوجها آلة تنظيف من الأوساخ التي تؤذيها وذلك كمشط ودهن يستخدم في ترجيل شعرها )(6) .
أما ما يلزم للزينة فقد أشار إليه العلماء ، بأن هذا أمرٌ عائد للزوج فهو ليس من النفقة الضرورية ، وإنما هو من الزينة وفي ذلك قول البهوتي في كشاف القناع في الطين والحناء
والخصاب بأنه يراد منه التزيين ، فهو المريد لذلك . (1)
( ولا يجب لها عليه كحل ولا طيب ولا خضاب ولا ما تتزين به ) (2)
( ولا يجب عليه ثمن الطيب ) (3)
وذكروا أنه يلزمه من الزينة ما يقطع رائحة كريهة .(4) .
أما أجرة الطبيب فجمهور العلماء على أنها لا تجب على الزوج ومن ذلك قول البهوتي في كشاف القناع :( ولا يجب عليه أي الزوج الأدوية وأجرة الطبيب والحجام والفاصد ، لأن ذلك يراد لا صلاح الجسم كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار وكذا ثمن الطيب والحناء والخضاب ونحوه لأن ذلك من الزينة فلا تجب عليه كشراء الحلي) (5)
( ولا يجب لها عليه دواء مرض ولا أجرة طبيب وحاجم ) (6)
وذكر الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتابه الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني أن جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة على أن التطبب ليس بواجب على الزوج ، وعلل ذلك بأن الحاجة لم تكن ماسة للمعالجة في زمانهم ، أما اليوم فقد اختلف الحال ، وقد اختلفت النظرة إلى التطبيب والعلاج ، فقد أصبح العلاج اليوم بمنزلة الغذاء والكساء ، وينبغي أن يكون على الزوج بالقدر المعروف . (7) .
أما بالنسبة لخدمة الزوجة فجمهور العلماء على أنه يلزم الزوج نفقة خادم واحد للمرأة التي مثلها لا تخدم نفسها ، وفي ذلك يقول الشافعي في الأم :( مذهب غير واحد من أهل العلم
يفرض على الرجل نفقة خادم واحد للمرأة التي الأغلب أن مثلها لا تخدم نفسها ، وليس عليه نفقة أكثر من خادم واحد)(1)
( فإن احتاجت الزوجة إلى من يخدمها يكون مثلها لا يخدم نفسها أو لموضعها ، ولا خادم لها، لزمه لها خادم لقوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) ولأنه مما يحتاج إليه على الدوام حراً أو عبداً إما بشراء أو كراء أوعارية ، والخادم واحد الخدم يقع على الذكر والأنثى ) (2) .
( ولا يلزمه أي الزوج أكثر من نفقة خادم واحد ، لأن المستحق خدمتها بنفسها وهذا يحصل بالواحد ، ما زاد إنما هو للتجميل أو نحوه ، وليس بواجب عليه فإن قالت لزوجها أنا أخدم نفسي وآخذ ما يلزمك لخادمي لم يلزمه ذلك ، لأن الأجرة عليه ، فتعين الخادم إليه وإن قال الزوج : أنا أخدمك بنفسي لم يلزمها قبوله لأنها تحتشمه وفيه غضاضة عليها لكون زوجها خادماً لها ) (3)
( يلزمه نفقة خادمها بالمعروف ولا تبلغ نفقة خادمها نفقتها حتى قالوا يفرض لخادمها أدنى ما يفرض لها على الزوج المعسر ولا يفرض إلا لخادم واحد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يفرض لخادمين لأنهما قد تحتاجهما ليقوم أحدهما بأمور داخل البيت ، والآخر يأتيها من خارج البيت بما تحتاج إليه وهما قالا حاجتها ترتفع بالخادم الواحد ،أما الثاني فللتجمل والزينة ، ووجوب النفقة على الزوج للكفاية فكما لا يزيدها على قدر الكفاية في نفقتها فكذلك في نفقة خادمها ).(4)
للمزيد ابحث الدراسة منشوره
الدكتور ماهر معروف فالح النداف
كلية العلوم التربوية والآداب / الأونروا
بحث مقدم لمؤتمر الأمن الإجتماعي
جامعة آل البيت 2012
-الفرع الأول : تعريف النفقة
-المطلب الأول :
النفقة لغة: نفق البيع ينفق بالضم نفاقاً راج ، والنفاق بالكسر فعل المنافق ، وأنفق الرجل افتقر وذهب ماله ومنه قوله تعالى : ( إذاً لأمسكتم خشية الإنفاق ) (1) أي خشية الفناء والنفاذ.
نفق نقص وقل ، وقيل فني وذهب ،وأنفقوا نفقت أموالهم ونفق الرجل إذا افتقر وأنفق ماله صرفه وفي التنزيل ( وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله ) (2) أي أنفقوا في سبيل الله وأطعموا وتصدقوا .
والنفقة ما أنفق ، وحكى اللحياني نفذت نفاق القوم ونفقاتهم بالكسر إذا فنيت
ونفق الزاد ينفق أي نفذ ، وقد أنفقت الدراهم من النفقة ، ورجل منفاق أي كثير النفقة .
ويقال :نفقت الأيم أي كثر خطابها .
والنفق سرب في الأرض و في التنزيل ( فإن استطعت أن تبتغي نفقاً في الأرض أو سلماً في السماء )(3) . (4)
- المطلب الثاني: النفقة شرعاً :
عند إطلاق كلمة النفقة يراد بها ما يصرفه الإنسان على غيره من نقود وأموال ونحوها . (1)
والنفقة ( هي إخراج الشخص مئونة من تجب عليه نفقته من خبز وأدم وكسوة ومسكن ، وما يتبع ذلك من ثمن ماء ، ودهن ، ومصباح ، ونحو ذلك ) (2)
والنفقة ( اسم لما يصرفه الإنسان على زوجته وعياله ومماليكه من طعام وكسوة ومسكن أما نفقة الزوجة فيراد بها ما تحتاج إليه لمعيشتها من طعام وكسوة ومسكن وخدمة ، وما يلزمها من فرش وغطاء ، وسائر أدوات البيت ،بحسب المتعارف بين الناس)(3)
ونفقة الزوجة (ما يفرض للزوجة على زوجها من مال للطعام والكساء والمسكن والتطبيب والحضانة وغيرها ) (4)
مما تقدم يتبين لنا أن النفقة اسم لما يصرفه الشخص وينفقه على من يلزم بنفقته ، وهو في موضوعنا الزوجة ، والتّعريفات كما يلاحظ كلها متوافقة والفرق بينها هو تضمينها لمحتويات النفقة التي بعضها محل اتفاق وبعضها محل خلاف كما سيأتي معنا في محتويات النفقة .
- الفرع الثاني : حكم النفقة ودليلها :
تجب نفقة الزوجة على زوجها سواء كانت فقيرة أم غنية ومن عبارات الفقهاء في ذلك : ( نفقة الزوجة على الزوج سواء كانت غنية أم فقيرة ) (1) .
( تجب على الزوج نفقة زوجته إجماعاً ) (2) .
( وينفق على امرأته غنية كانت أم فقيرةً بحبسها على نفسه ) (3) .
واستدلوا على وجوب نفقة الزوجة على زوجها بأدلة منها :
أولاً : الكتاب :
قوله تعالى : ( لينفق ذو سعة من سعته ، ومن قدر عليه رزق فلينفق مما آتاه الله، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها ) (4) .
قوله تعالى :( قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم ، لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفوراً رحيماً ) (5) .
قوله تعالى :( والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة، وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف ) (6) .
وجه الدلالة : المولود له هو الزوج، فتجب عليه نفقة الزوجة والولد .
قوله تعالى :( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) (7) .
وجه الدلالة : دلت الآية على أن النفقة من مال الزوج وليس من مال الزوجة .
ثانياً : من السنّة :
عن عائشة قالت : دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم – فقالت : يا رسول الله إن أبا سفيان رجلٌ شحيح لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ إلا ما آخذ من ماله بغير علم أفهل علي في ذلك جناح ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ) (1) .
وجه الدلالة : الحديث دليل على وجوب نفقة الزوجة على زوجها .
وهذا الحديث من اشهر الأدلة في باب النفقات ، فلا يكاد يخلو كتاب تكلم على النفقات من الاستشهاد به ومن ذلك : ( الشافعي في الأم (2) وابن قدامة في المغني (3) والشوكاني في نيل الأوطار (4) .
( أن النبي -صلى الله عليه وسلم – سأله رجل ما حق المرأة على الزوج قال :
تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت ) .
حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل : ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل على أهلك شيء فلذوي قرابتك )(5)
حديث حجة الوداع وفيه قوله عليه الصلاة والسلام : (اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بالمعروف بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولهن عليكم نفقتهن وكسوتهن بالمعروف ) (6)
ثالثاً : الإجماع :أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها وقد نقل هذا الإجماع جمع من العلماء ومن ذلك :
( أجمع العلماء على وجوب نفقة الزوجة على زوجها ) (1)
( اتفق أهل العم على وجوب نفقات الزوجات على أزواجهن ) (2)
( وجوب نفقة الزوجة على زوجها ، وهو مجمع عليه ) (3)
( نفقة الزوجة واجبة بالنصوص والإجماع ) (4)
( ثبت الإجماع على وجوب نفقة الزوجات على الأزواج ولم يرد في ذلك خلاف)(5).
رابعاً : المعقول : ( إن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من التصرف والاكتساب فلا بد أن ينفق عليها ) (6)
والمرأة إذا سلمت نفسها لزوجها على الوجه الواجب عليها فلها على هذا الزوج جميع حاجاتها كالعبد مع سيد مالا غنى لها عنه من النفقة والكسوة بالمعروف . (7)
ومن حكمة الله عز وجل أنه أكرم هذه المرأة عن حاجة الناس فلا تخلو امرأة عن منفق عليها فإما أن تكون بغير زوج فوليها سواء كان أباً أو أخاً أو عماً ملزم بنفقتها ، وإن كانت متزوجةً فزوجها ملزم بنفقتها ، وإن طلقت أو توفي زوجها عادت نفقتها على وليها الملزم بنفقتها لو لم تكن ذات زوج ، بالإضافة إلى إلزام الابن بنفقة أمه إذا كانت أماً فكم أكرم الإسلام المرأة ورفع من منزلتها .
الفرع الثالث: محتويات النفقة :
مع إجماع العلماء على وجوب نفقة المرأة على زوجها كما أسلفت في أدلة وجوب النفقة ، إلا أنهم اختلفوا في إعداد و تفصيل المحتويات التي تشملها هذه النفقة الواجبة للزوجة، وبمطالعة نصوص العلماء في محتويات النفقة نجدهم أشاروا إلى أربعة أشياء : الطعام والشراب والكسوة والمسكن ، ومن ذلك :( تجب للمرأة على زوجها هذه الأربعة: الطعام والشراب والكسوة والمسكن ، فإذا أعطاها هذا الأربعة فقد خرج إليها من نفقتها، فإن تفضل بعد ذلك فهو مأجور، فأما هذه الأربعة فلا بدلها منها ، لأن بها إقامة المهجة ) (1)
( وعلى الزوج نفقة زوجته ما لا غناء بها عنه وكسوتها ، وجملة الأمر أن المرأة إذا سلمت نفسها لزوجها على الوجه ، فلها عليه جميع حاجاتها من مأكول ومشروب وملبوس ومسكن ) (2).
( يلزم الرجل نفقة زوجته قوتاً وكسوة ومسكن ) (3).
وذكر كثير من العلماء ما يتعلق بنظافة المرأة من أدوات التنظيف الضرورية ومن ذلك : ( وعليه ما يعود بنظافة المرأة من دهن وسدرٍ ومشط ثمن ماء ) (4) .
( ويجب لها ما تحتاج إليه من الدهن للرأس و السدر والمشط )(5) .
( ويجب للزوجة على زوجها آلة تنظيف من الأوساخ التي تؤذيها وذلك كمشط ودهن يستخدم في ترجيل شعرها )(6) .
أما ما يلزم للزينة فقد أشار إليه العلماء ، بأن هذا أمرٌ عائد للزوج فهو ليس من النفقة الضرورية ، وإنما هو من الزينة وفي ذلك قول البهوتي في كشاف القناع في الطين والحناء
والخصاب بأنه يراد منه التزيين ، فهو المريد لذلك . (1)
( ولا يجب لها عليه كحل ولا طيب ولا خضاب ولا ما تتزين به ) (2)
( ولا يجب عليه ثمن الطيب ) (3)
وذكروا أنه يلزمه من الزينة ما يقطع رائحة كريهة .(4) .
أما أجرة الطبيب فجمهور العلماء على أنها لا تجب على الزوج ومن ذلك قول البهوتي في كشاف القناع :( ولا يجب عليه أي الزوج الأدوية وأجرة الطبيب والحجام والفاصد ، لأن ذلك يراد لا صلاح الجسم كما لا يلزم المستأجر بناء ما يقع من الدار وكذا ثمن الطيب والحناء والخضاب ونحوه لأن ذلك من الزينة فلا تجب عليه كشراء الحلي) (5)
( ولا يجب لها عليه دواء مرض ولا أجرة طبيب وحاجم ) (6)
وذكر الدكتور عمر سليمان الأشقر في كتابه الواضح في شرح قانون الأحوال الشخصية الأردني أن جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة على أن التطبب ليس بواجب على الزوج ، وعلل ذلك بأن الحاجة لم تكن ماسة للمعالجة في زمانهم ، أما اليوم فقد اختلف الحال ، وقد اختلفت النظرة إلى التطبيب والعلاج ، فقد أصبح العلاج اليوم بمنزلة الغذاء والكساء ، وينبغي أن يكون على الزوج بالقدر المعروف . (7) .
أما بالنسبة لخدمة الزوجة فجمهور العلماء على أنه يلزم الزوج نفقة خادم واحد للمرأة التي مثلها لا تخدم نفسها ، وفي ذلك يقول الشافعي في الأم :( مذهب غير واحد من أهل العلم
يفرض على الرجل نفقة خادم واحد للمرأة التي الأغلب أن مثلها لا تخدم نفسها ، وليس عليه نفقة أكثر من خادم واحد)(1)
( فإن احتاجت الزوجة إلى من يخدمها يكون مثلها لا يخدم نفسها أو لموضعها ، ولا خادم لها، لزمه لها خادم لقوله تعالى ( وعاشروهن بالمعروف ) ولأنه مما يحتاج إليه على الدوام حراً أو عبداً إما بشراء أو كراء أوعارية ، والخادم واحد الخدم يقع على الذكر والأنثى ) (2) .
( ولا يلزمه أي الزوج أكثر من نفقة خادم واحد ، لأن المستحق خدمتها بنفسها وهذا يحصل بالواحد ، ما زاد إنما هو للتجميل أو نحوه ، وليس بواجب عليه فإن قالت لزوجها أنا أخدم نفسي وآخذ ما يلزمك لخادمي لم يلزمه ذلك ، لأن الأجرة عليه ، فتعين الخادم إليه وإن قال الزوج : أنا أخدمك بنفسي لم يلزمها قبوله لأنها تحتشمه وفيه غضاضة عليها لكون زوجها خادماً لها ) (3)
( يلزمه نفقة خادمها بالمعروف ولا تبلغ نفقة خادمها نفقتها حتى قالوا يفرض لخادمها أدنى ما يفرض لها على الزوج المعسر ولا يفرض إلا لخادم واحد في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ، وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى يفرض لخادمين لأنهما قد تحتاجهما ليقوم أحدهما بأمور داخل البيت ، والآخر يأتيها من خارج البيت بما تحتاج إليه وهما قالا حاجتها ترتفع بالخادم الواحد ،أما الثاني فللتجمل والزينة ، ووجوب النفقة على الزوج للكفاية فكما لا يزيدها على قدر الكفاية في نفقتها فكذلك في نفقة خادمها ).(4)
للمزيد ابحث الدراسة منشوره
مرحبا
ردحذف