إعلان علوي

آخر الاخبار

الإتفاق المسبق على عدم جواز المطالبة بفارق الأسعار

*الإتفاق المسبق على عدم جواز المطالبة بفارق الأسعار*


*أ.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين*

*الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء*

https://t.me/AbdmomenShjaaAldeen

➖➖➖➖➖


*▪️في بعض العقود التي يتم تنفيذها مستقبلاً ويستغرق تنفيذها وقتاً مثل عقود المقاولات والتوريد يتم الإتفاق بين المتعاقدين في بعض الحالات على عدم جواز مطالبة المتعهد بالتوريد أو المقاول بتعويضه عن فارق الأسعار إذا زادت أسعار السلع  او الأجور مستقبلاً بعد ابرام العقد واثناء تنفيذ العقد مستقبلاً، وقد قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز المطالبة بفارق الأسعار إذا كان قد ورد ضمن بنود العقد الإتفاق المسبق على عدم جواز مطالبة المقاول بفارق اسعار المواد أواجور العمل حسبما ورد في الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7/1/2012م في الطعن رقم (47072)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((أما فيما يتعلق بنعي الطاعن  بعدم الاستجابة لطلبه فارق الأسعار والحكم له بها فإن ذلك مردود لمخالفته ما تم الإتفاق عليه في عقد المقاولة الذي ينص البند الثالث منه على أنه: لا يحق للطرف الثاني أي المقاول المطالبة بفارق الأسعار سواء في المواد والأجور وخلافه مهما كانت الأسباب، ولذلك تعين رفض الدائرة لهذا السبب)) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الأول: إرادة المتعاقدين والإتفاق على مايجد في المستقبل في الفقه الإسلامي (نظرية الإرادة المتنورة):*

➖➖➖➖➖


*▪️أستقر الفقه الإسلامي منذ عقود طويلة على الأخذ بنظرية (تنوير إرادة المتعاقدين) التي لا يقتصرمفهومها على حرية المتعاقد وإرادته وإختياره  وقت إبرام العقد وإنما ينبغي وفقاً لهذه النظرية ان يستمر رضاء واختيار المتعاقد إلى ما بعد إبرام العقد لان الغرض من العقد هو الحصول على محل العقد سليما وليس مجرد العقد، وتتجسد نظرية (تنوير الإرادة) في نظرية أخرى هي نظرية الخيارات في الفقه الإسلامي اي خيارات المتعاقدين فيما بعد إبرام العقد التي أوصلها الفقهاء إلى أكثر من (27) خياراً لفسخ العقود بعد إبرامها  إعمالاً لنظرية تنوير الإرادة التي يمتد نطاقها واثرها إلى ما بعد العقد، مع تأكيدنا على ان الفقه الإسلامي يستثني من الخضوع لأحكام نظرية تنوير الإرادة بعض العقود كعقد الزواج، ومن تطبيقات نظرية تنوير الإرادة أو الإرادة المستنيرة نظرية الظروف الطارئة في الفقه الإسلامي، حيث اتفق الفقه الإسلامي على انه يجوز للمتعاقدين أو أحدهما الاخذ بهذه النظرية وتعديل الإتفاق إذا لم يكن بوسعه عند التعاقد توقع حدوث الظروف الطارئة وتوقع اثرها، وتطبيقاً لهذه النظرية في الفقه الإسلامي فإذا كان بوسع المتعاقد عند إبرام العقد ان يتوقع تغير الأسعار مستقبلاً بعد إبرام العقد فلا يحق له المطالبة بفارق الأسعار أما إذا لم يكن بوسعه ان يتوقع ذلك كأن تكون الزيادة في الأسعار طبيعية أو معتادة، أما إذا كانت الزيادة في الأسعار غيرمتوقعة او غير معتادة  فإنها عندئذ تكون طارئة أو غير متوقعة، فحينئذ يجوز للمتعاقد المطالبة بفارق الأسعار (الضوابط الشرعية والقانونية للرضا بالعقود، عبدالرحمن الشرايعة، صـ35).*

➖➖➖➖➖

*▪️الوجه الثاني: عدم جواز المطالبة بفارق الزيادة في الأسعار التي قد تحدث مستقبلاً اذا تم الإتفاق على ذلك في العقد حسبما قضى الحكم محل تعليقنا:*


➖➖➖➖➖


*▪️من خلال المطالعة لأسباب الحكم محل تعليقنا نجد أنه قد قضى بعدم جواز مطالبة المقاول بفارق الزيادة في اسعار مواد البناء والأجور لان عقد المقاولة المبرم فيما بين الجانبين قد تضمن بنداً قرر عدم جواز ذلك مهما كانت الأسباب، وقضاء الحكم محل تعليقنا سديد، لان الزيادة في أسعار المواد والأجور التي حدثت اثناء العقد التي كان يطالب بها المقاول كانت متوقعة بالنسبة للمقاول او اعتيادية لا تصل إلى 20%، فهذه الزيادة كانت متوقعة للطرفين عند إبرام العقد، لان المقاول بحسب خبرته وتجاربه المتكررة يضع في حسبانه عند ابرام العقد التغيرات السعرية في مواد البناء والاجور  مستقبلاً خلال فترة تنفيذه لعقد المقاولة،  لان المقاول قبل التعاقد يقوم بجمع البيانات والاحتمالات وتوقع التقلبات المحتملة والمتوقعة في الأسعار عند تنفيذه للعقد، فلا يمكن ان يقدم المقاول على التعاقد إلا بعد إن يضع في حسبانه تقلبات الاسعار مستقبلاً أو تغيرها ويقدر نسبة التغير، وبناءً على ذلك فلا يجوز للمقاول المطالبة بفارق الأسعار المحتملة او المتوقع حصولها، غير أنه يحق للمقاول المطالبة بفارق الأسعار غير المتوقعة إعمالاً لنظرية الظروف الطارئة التي لم يكن المقاول يتوقعها عند التعاقد حتى لو تم الإتفاق مسبقاً على عدم جواز مطالبة المقاول بالفارق، والله اعلم*

ليست هناك تعليقات

فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا