تبعية الممثل التجاري للتاجر في القانون والقضاء اليمني

تبعية الممثل التجاري للتاجر في القانون والقضاء اليمني




الممثل التجاري هو العامل في محل التاجر الذي يقوم بإستلام البضائع الموردة إلى المحل التجاري ،والذي يقوم بتصريف تلك البضائع على تجار التجزئة، ويستعمل في إستلامه البضائع وتصريفه لها  أسم التاجر الذي يعمل لحسابه ويستعمل السندات التي تحمل اسم المحل التجاري الذي يعمل فيه، ويستمر هذا  العامل في العمل مدة معقولة تدل على أنه قد صار ممثلاً عن مالك المحل التجاري في ذلك النشاط الذي اناط به القيام بهذا العمل، وعلى هذا الأساس فإن الممثل التجاري للمحل التجاري يكون تابعاً وممثلاً لصاحب المحل التجاري، مما يجعل صاحب المحل التجاري مسئولاً عن تصرفات العامل ممثله التجاري مسئولية المتبوع عن  أعمال تابعيه ،حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة التجارية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 6-11-2014م في الطعن رقم (55226)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((وبالتأمل إلى ما ورد في الحكمين الابتدائي والاستئنافي تبين أن الطعن في غير محله لثبوت تبعية المدخل في الدعوى تبعيته للطاعن، حيث كان يعمل بمحل الطاعن التجاري، فيقوم بإستلام البضائع في المحل وتصريفها على تجار التجزئة ،حسبما هو ثابت بإقرار الطاعن في العريضة ولثبوت إضطراد التعامل بين الطاعن والمطعون ضده لمدة طويلة بواسطة المدخل حسبما تحكيه فواتير المبيعات وسندات القبض التي لم يجحدها الطاعن التي تقطع بتبعية المدخل للطاعن وان المدخل كان يعمل لدى الطاعن ولحسابه في محله التجاري ، ومن ثم فقد اعتبرته محكمة الموضوع ممثلاً تجارياً للطاعن وفقاً لأحكام المادة (288) تجاري، ولذلك فإن الطاعن مسئول عن علاقة تابعيه التعاقدية مع الغير))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه

الآتية:

الوجه الأول : العامل في المحل التجاري والممثل التجاري :

اشار الحكم محل تعليقنا بان العامل في المحل التجاري هو الممثل التجاري لصاحب المحل أو مالكه الذي كلفه بالعمل أو عينه في المحل، حيث تنص المادة (288) تجاري على أنه (يعتبر ممثلاً تجارياً من كان مكلفاً من قبل التاجر بالقيام بعمل من اعمال تجارية سواءً كان ذلك في محل تجارته أو في محل اخر)، أي أن العامل في المحل مفوضً من قبل صاحب المحل للبيع والشراء باسم المحل أو صاحب المحل، فالعامل في هذه الحالة يمثل صاحب العمل ، واذا لم يحدد صاحب المحل في تفويض أو تكليفه للعامل اعمال معينة من اعمال المحل فان التفويض للعامل يكون عاماً أي القيام بكافة اعمال المحل، وفي هذا المعنى نصت المادة (290) تجاري على أنه (اذا لم تعين حدود التفويض المخول للممثل التجاري اعتبر التفويض عاماً شاملاً لجميع المعاملات المتعلقة بنوع التجارة التي فوض الممثل في اجرائها وليس للتاجر أن يحتج على الغير بتحديد التفويض مالم يثبت علم الغير بهذا التحديد). ويقوم الممثل التجاري بالاعمال التجارية باسم التاجر صاحب المحل ولحسابه، حسبما ورد في المادة (291) تجاري، ويكون الممثل التجاري اما وكيلاً لصاحب المحل أو عاملاً لديه حسبما ورد في المادة (296) تجاري.

الوجه الثاني : مسئولية مالك  المحل التجاري عن اعمال وتصرفات العامل في المحل :

ذكرنا فيما سبق ان العامل في المحل يكون ممثلاً تجارياً لصاحب المحل وانه يكون بمثابة وكيلاً عن المالك في إبرام العقود والتصرفات مع الغير، وان هذه التصرفات والمعاملات يقوم بها العامل لحساب صاحب المحل، وبناءً على ذلك فان صاحب المحل هو المسئول الذي يتحمل اثار وتبعات ومسئوليات التصرفات التي يقوم بها العامل في المحل لحساب صاحب المحل، وفي هذا المعنى نصت المادة (289) تجاري على أن (يكون التاجر مسئولاً عما قام به ممثله من معاملات وما اجراه من عقود وذلك في حدود التفويض المخول له من قبل التاجر)، وهنا تظهر خطورة تصرفات العامل على صاحب العمل،ولذلك فأن العامل يكون مسئولا امام صاحب العمل حيث يحق لصاحب المحل أن يطالب بمسائلة العامل جزائيا ومدنيا عن أية تصرفات قد تصدر من العامل تخل او تتجاوز حدود التفويض أو الاختصاص المناط بالعامل.

الوجه الثالث : اساس مسئولية صاحب المحل عن تصرفات العامل :

اشار الحكم محل تعليقنا إلى ان أساس هذه المسئولية هي مسئولية التابع عن تصرفات تابعيه، فصاحب المحل التجاري هو الذي قام بتكليف العامل للقيام بالعمل في المحل بإشرافه وتحت امرته ،فالعامل يعمل في المحل بإشراف ومتابعة ومراقبة صاحب المحل، كما ان هذه المسئولية تتأسس على أساس الوكالة فالعامل يقوم بكافة معاملات المحل أو بعضها لحساب صاحب المحل ولفائدته مصلحته، ولذلك فصاحب العمل هو المستفيد من تلك التصرفات، وبالمقابل فهو المسئول عنها، إضافة إلى ان هذه المسئولية تتأسس على أساس ان الغير وهم المتعاملون مع المحل يتعاملون مع في المحل على أساس أن العامل في المحل اما ان يكون صاحب المحل نفسه أو وكيلاً عنه، فزبون المحل ليس معنياً بالتحقق من شخصية وهوية العامل في المحل، وما اذا كان هو صاحب المحل نفسه أو عاملاً لدى صاحب العمل.

الوجه الرابع : إشكاليات الموزعين مع العاملين في المحال التجارية في اليمن :

هناك إشكاليات تحدث فيما بين الموزعين التابعين للشركات المنتجة أو المستوردة للبضائع  من الخارج وبين العاملين في المحال التجارية، حيث تسود في اليمن عمليات البيع الآجل فيما بين الموزعين واصحاب المحال التجارية حيث يقوم الموزعون بتوزيع البضائع على المحال حيث يتم تسليمها للعامل في المحل على أساس أنه صاحب المحل نفسه أو عاملاً أو وكيلاً له بحسب ما سبق بيانه، ونتيجة لعدم التحري والاحتياط عند تسليم البضاعة إلى العامل في المحل يحدث في بعض الحالات  اختلاس بعض تلك البضائع حيث تتعقد الإجراءات فيما بين ملاك المحلات والعاملين لديهم وبين ملاك الشركات التي يتبعها الموزعين الذين يسلمون البضائع إلى العمال في المحال التجارية ، ولذلك فان الشركات المستوردة للبضائع أو المنتجة لها تتبع إجراءات كثيرة في سبيل مواجهة هذه الظاهرة حيث تطلب هذه الشركات من المحال التي تتعامل معها اسماء اصحاب المحال كالصيدليات وتطلب من اصحاب المحال ان يحددوا اسماء العاملين في المحلات المخولين باستلام البضاعة، كما يتم التوقيع على فاتورة تسليم البضاعة بالاسم والختم الخاص بالمحل كما يحرص بعضهم على أن يتم تسليم البضاعة الى المحل ذاته بموجب سند استلام يحمل اسم المحل وختمه وتوقيع صاحب المحل أو المفوض بذلك بالتوقيع على السند، وهناك قضايا كثيرة من هذا النوع منظورة أمام القضاء ومنها القضية التي تناولها الحكم محل تعليقنا،والله اعلم.