اﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺩﻭﻥ
ﺩﻟﻴﻞ ﺷﺮﻋﻲ
[
ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ (267 ) ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻴﻤﻨﻲ]
ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ
ﺣﺴـﻦ ﻋﻠـﻲ ﻣﺠﻠـﻲ
ﺃﺳﺘﺎﺫ ﻗﺎﻧﻮﻥ - ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻨﻌﺎﺀ
ووفقاً للنص السالف الذي خالفته المحكمة عند إصدارها للحكم محل الاستئناف فإن تلك المخالفات تتجلى بأن ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺑﻴﻦ
ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﻜﻔﻲ ﻹﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﺷﺎﻫﺪﺍﻥ ﺑﻞ ﻳﻠﺰﻡ ﻟﺬﻟﻚ ﺃﺭﺑﻌﺔ
ﺷﻬﻮﺩ، ﺫﻟﻚ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴِّﻨﺔ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻻﺯﻣﺔ ﻹﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﻭﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺤﺪ (
ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ) ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ ﻟﻬﺎ، ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻮﻗﻊ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻋﻠﻰ
ﻣﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻓﻌﻞ ﺍﺭﺗﻜﺎﺑﻬﺎ ﺑﺎﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ، ﻭﻳُﺤَﺪّ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺬﻑ ﺑﻪ ﺇﺫﺍ ﻋﺠﺰ
ﺍﻟﻘﺎﺫﻑ ﻋﻦ ﺇﺛﺒﺎﺗﻪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ، ﻭﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻫﻮ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺷﻬﻮﺩ ﻳﻌﺎﻳﻨﻮﻥ
ﺍﻟﻔﻌﻞ ﻛﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ (ﺍﻟﻤﻴﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺤﻠﺔ)، ﻭﻗﺪ ﻭﺭﺩ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ [
ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻮﺭ] . ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻴﻜﻔﻲ ﻹﺛﺒﺎﺗﻬﺎ ﺷﺎﻫﺪﺍﻥ، ﻛﻤﺎ
ﺃﻥ
ﺍﻟﺮﻣﻲ ﺑﻬﺎ، ﺃﻱ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺰﻧﺎ، ﺩﻭﻥ ﺩﻟﻴﻞ ﻻ ﻳﻮﺟﺐ
ﺍﻟﺤﺪ ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻗﺪ ﻳﻮﺟﺐ ﺍﻟﺘﻌﺰﻳﺮ.
ﻭﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﻓﺈﻥ ﻧﺴﺒﺔ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻳﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﻴﺎً ﻟﻠﻨﺴﺐ ﻭﺇﺷﺎﻋﺔ ﺍﻟﻔﺎﺣﺸﺔ.
ﻭﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎﻟﺤﻜﻢ ﻫﻮ : ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺜﺒﺖ ﺍﻟﻘﺎﺫﻑ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻗﺬﻑ ﺑﻪ ﻓﻴﺤﺪ ﺍﻟﺰﺍﻧﻲ ﺃﻭ ﻳﺤﺪ ﻗﺎﺫﻓﻪ ﺣﺪ
ﺍﻟﻘﺬﻑ .
ﻭﻭﺟﻪ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻋﻠﻰ قيام القاضي مصدر الحكم بتطبيق ﻧﺺ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ (
267) ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ، ﻫﻮ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﺠﻴﺰ ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ
ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺑﻨﺎﺀً ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺮﺩ ﺍﻟﻘﺮﺍﺋﻦ ﻓﻲ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﻭﺻﻔﺘﻬﺎ ﺑـ ( ﺍﻟﺰﻧﺎ) ﺭﻏﻢ ﻋﺪﻡ ﺗﻮﺍﻓﺮ
ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ. ﺇﻥ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ( 267) ( ﺍﻟﺰﻧﺎ) ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﻳﻘﺘﻀﻲ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﻑ ﺑﺘﺨﻠﻒ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﺰﻧﺎ .
وحيث أن القاضي مصدر الحكم قد ﺳﻠﻢ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺛﻢ ﻗﻀﻰ،
ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ، ﺑﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ (267 ) ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬ وهو
بذلك قد وقع ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺧﻄﻴﺮ، ﻷﻧﻪ ﺑﺬﻟﻚ أعلن بأن ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ ﻟﻠﻤﺤﻜﻤﺔ ( ﺷﺮﻋﺎً)
ولم يتوافر دليله الشرعي ﻭﻣﻊ ﺫﻟﻚ ﺛﺒﺖ ﻟﻬ ( ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً ) ﺑﻤﻮﺟﺐ ﺍﻟﻨﺺ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ، ﻭﻷﻧﻪ
ﻟﻢ ﻳﺜﺒﺖ للقاضي دليل الزنا الشرعي فهو يقضي باﻟﺮﺟﻢ
ﺣﺪﺍً. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺛﺒﺖ ﻟﻬ ( ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً ) قضى ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ ﺗﻌﺰﻳﺮﺍً. ﻭﻫﺬﺍ ﺗﺴﻮﻳﻎ ﻣﺮﻓﻮﺽ
ﻭﻻ ﻳﺒﺮﺭ للقاضي مصدر الحكم ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﺎﻟﻨﺺ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﺍﻟﻤﺬﻛﻮﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺤﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻭﺭﺩ ﺑﻪ،
ﺇﺫ ﻻ ﻳﺼﺢ، ﻓﻲ ﻇﻞ ﻧﻈﺎﻡ ﻗﺎﻧﻮﻧﻲ ﻭﺍﺣﺪ، ﺃﻥ ﻳﺘﻀﻤﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ
ﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻲ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻟﻮﺍﻗﻌﺔ ﻭﺍﻧﺘﻔﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ
ﺍﻟﻮﻗﺖ. ﺫﻟﻚ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺠﻮﺯ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻷﺩﻟﺔ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ،
ﻛﻤﺎ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﺼﺢ ﻧﻔﻲ ﺍﻟﻔﻌﻞ ( ﺷﺮﻋﺎً ) ﻭﺇﺛﺒﺎﺗﻪ (
ﻗﺎﻧﻮﻧﺎً) ، ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺇﻫﺪﺍﺭ ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻣﻌﺎً.
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻨﺎﻓﺮ، ﻛﻤﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺮﺃﻱ ﺍﻟﻔﻘﻬﻲ ﺍﻟﺼﺤﻴﺢ، ﻳﻘﻮﺩ ﺇﻟﻰ
ﺃﺣﺪ ﺃﻣﺮﻳﻦ : ﺇﻣﺎ ﺍﺗﻬﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﺑﺎﻹﻓﺮﺍﻁ
ﻓﻲ ﺗﻄﻠﺐ ﺩﻟﻴﻞ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﺇﻟﻴﻪ، ﺃﻭ ﺍﺗﻬﺎﻡ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ
ﺍﻟﻮﺿﻌﻲ ﺑﺎﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﺑﻘﺒﻮﻟﻪ ﺩﻟﻴﻼً ﻻ ﻳﺼﺢ
ﺍﻻﻛﺘﻔﺎﺀ ﺑﻪ ﻭﺍﻻﻋﺘﻤﺎﺩ ﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﺍﻟﻌﻘﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺧﻄﻴﺮﺓ ﻛﺎﻟﺰﻧﺎ، ﻭﻛﻼ ﺍﻷﻣﺮﻳﻦ ﻻ ﻳﻠﻴﻖ. ﻭﻻ ﻣﺠﺎﻝ ﻟﻠﺘﺬﺭﻉ ﺑﺎﻧﺘﻔﺎﺀ ﺍﻟﺘﻨﺎﻗﺾ، ﺑﺪﻋﻮﻯ ﺃﻥ ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ،
ﺑﺸﺮﻭﻃﻬﺎ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ، ﺇﻧﻤﺎ ﺗﻠﺰﻡ ﻹﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﺤﺪ
ﻭﻟﻴﺲ ﻟﺜﺒﻮﺕ ﺍﻟﺰﻧﺎ، ﻭﺃﻥ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻋﺪﻡ ﺍﻛﺘﻤﺎﻝ
ﺍﻟﺒﻴﻨﺔ ﻫﻮ ﺍﻣﺘﻨﺎﻉ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺎﻟﺤﺪ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ
ﻣﻘﺘﻀﻴﺎً، ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ، ﻧﻔﻲ ﻭﻗﻮﻉ ﺍﻟﺰنا ﻭﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﺎﺱ ﻻ ﻳﻜﻮﻥ، ﻓﻲ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﺒﻌﺾ، ﺛﻤﺔ
ﺗﻨﺎﻗﺾ ﺇﺫﺍ ﻣﻨﻊ ﺍﻟﻤﺸﺮﻉ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﻣﻦ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺣﺪ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻭﺃﺟﺎﺯ
ﻟﻪ - ﺇﺫﺍ ﻣﺎ ﺍﻗﺘﻨﻊ ﺑﺜﺒﻮﺕ ( ﺍﻟﺰﻧﺎ) - ﺃﻥ
ﻳﻨـﺰﻝ ﺑﺎﻟﻤﺘﻬﻢ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﺍﻟﺠﻨﺴﻲ (ﺍﻹﻳﻼﺝ) ﺍﻟﻤﻨﺼﻮﺹ
ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ ( 267) ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ .
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻻﻋﺘﺮﺍﺽ ﻣﺮﺩﻭﺩ، ﻓﺎﻟﺒﻴﻨﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻻﺯﻣﺔ
ﻹﻳﺠﺎﺏ ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻓﺤﺴﺐ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻣﺸﺘﺮﻃﺔ ﻛﺬﻟﻚ ﻹﺛﺒﺎﺕ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺫﺍﺗﻬﺎ. ﻭﻟﻴﺲ ﺃﺩﻝ ﻋﻠﻰ
ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺟﻤﻬﻮﺭ ﺍﻟﻔﻘﻬﺎﺀ ﺍﻟﻘﺪﺍﻣﻰ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺻﺮﻳﻦ ﻳﺮﻭﻥ ﻭﺟﻮﺏ ﺗﻮﻗﻴﻊ ﻋﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﺤﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻬﻮﺩ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻫﻢ
ﻗَﺬَﻓﺔ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﻮﺍ ﺃﻗﻞ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ،ﻓﻠﻮ ﺻﺢ ﺃﻥ ﻓﻌﻞ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﻳﺜﺒﺖ ﺷﺮﻋﺎً ﺑﺄﻗﻞ ﻣﻦ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺷﻬﻮﺩ، ﻣﺎ ﻟﺰﻣﻬﻢ
ﺣﺪ ﺍﻟﻘﺬﻑ ﻋﻨﺪ ﻧﻘﺼﺎﻧﻬﻢ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪ ﻳﺴﻘﻂ ﺑﺈﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﺫﻑ ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﻗﺬﻑ ﺑﻪ ﺷﺮﻋﺎً.
خالفته ﻭﻳﺜﻮﺭ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺘﺴﺎﺅﻝ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻀﻤﺎﺭ : ﻣﺎ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺣﻜﻢ ﺑﺎﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ
ﺑﺎﻟﻤﺎﺩﺓ (267) ﻣﻦ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺘﻬﻢ ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ ﻓﻘﺪﻡ ﺍﻟﻤﺤﻜﻮﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺷﻜﻮﻯ ﺿﺪﻩ ﻣﻄﺎﻟﺒﺎً ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﺣﺪ ﺍﻟﻘﺬﻑ ﻋﻠﻴﻪ ﻷﻧﻪ ﺭﻣﺎﻩ ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻳﺜﺒﺖ
ﺻﺤﺔ ﻣﺎ ﺭﻣﺎﻩ ﺑﻪ ﺷﺮﻋﺎً، ﺑﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻋﻠﻤﻪ ﺑﺄﻥ ﺫﻟﻚ ﻏﻴﺮ ﻣﻤﻜﻦ ﺍﻟﺜﺒﻮﺕ ﺷﺮﻋﺎً؟! ﻭﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ
ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻟﺬﻱ
ﺃﺻﺪﺭ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻻﻋﺘﺼﺎﻡ ﻫﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻹﺑﺎﺣﺔ ﺍﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺃﺩﺍﺀ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ، ﻷﻥ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻲ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ
ﺃﻥ ﻳﺠﻌﻞ ﻗﺬﻑ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺑﺎﻟﺰﻧﺎ ﺑﻐﻴﺮ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻋﻤﻼً ﻣﺒﺎﺣﺎً، ﻧﺎﻫﻴﻚ ﻋﻦ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻭﺍﺟﺒﺎ .
ﻭﻧﺨﻠﺺ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻘﺮﺭ، ﻭﻓﻘﺎً
ﻷﺣﻜﺎﻡ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ
ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻐﺮﺍﺀ، ﻫﻮ ﻋﺪﻡ ﺻﺤﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺑـ ( ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﻻ ﻳﺘﻮﺍﻓﺮ ﺩﻟﻴﻠﻪ
ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ) ، ﻓﺤﺪ ﺍﻟﺰﻧﺎ ﺇﻣﺎ ﺃﻥ
ﻳﺜﺒﺖ ﺗﻮﺍﻓﺮ ﻣﻮﺟﺒﺎﺗﻪ ﺃﻭ ﻻ، ﻓﻼ ﺗﻘﻮﻡ ﺑﺬﻟﻚ ﺟﺮﻳﻤﺔ ﺍﻟﺰﻧﺎ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ
ﺍﻟﻤﺘﻄﻠﺐ ﺷﺮﻋﺎً، ﻫﻮ ﺷﺮﻁ
ﻓﻲ ﺇﺛﺒﺎﺕ ﺍﻟﺠﺮﻳﻤﺔ ﺫﺍﺗﻬﺎ، ﻻ ﻣﺠﺮﺩ ﺷﺮﻁ ﻓﻲ ﺇﻳﻘﺎﻉ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻓﻘﻂ، ﻭﻣﻦ ﺛﻢ،
ﻓﺈﻧﻪ ﺇﺫﺍ ﺍﻧﻌﺪﻡ ﺷﺮﻁ
ﺍﻹﺛﺒﺎﺕ ﻫﺬﺍ ﺗﺨﻠﻒ ﺍﻟﺪﻟﻴﻞ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻭﺍﻧﺘﻔﻰ، ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ، ﺍﻟﺤﺪ ﺍﻟﺸﺮﻋﻲ ﻣﻄﻠﻘﺎً
وبلك فإن
الحكم الصادر من محكة جنوب شرق الأمانة تعترية العيوب والبطلان مما يقتضي من عدالة
الشعبة الحكم ببطلانة لتناقضة مع بعضة وتناقضة مع القانون مما يقتضي الحكم بإلغائة .
فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا