إعلان علوي

آخر الاخبار

سمات العطاء الادبي والفكري

سمات العطاء الأدبي والفكري


في القرن الثامن الهجري

الأستاذ هلال ناجي

 

بدأ الغزو في القرن الثامن الهجري الفرنجي الصليبي عام 488هـ وانتهى عام 690هـ ، أي أنّه جاوز القرنين دكّ خلاله المغول أسوار بغداد قادمين من المشرق ودمّروا حضارة العراق سنة 656هـ ، وانطلقوا نحو بلاد الشام عاصفين بإرثنا الأدبي والعلمي والحضاري0 وهكذا كان المشرق العربي نَهْباً لغزاة محتلين من غربه وشماله وشرقه0 وتحالف التتار والفرنج والكرج والروم غير مرة لاحتلال أرضنا وتدمير إرثنا الحضاري، حتى كانت نهاية الغزاة المغول في معركة " عين جالوت " الخالدة0 إن حروبا استمرت قرنين من الزمن هما القرنان السادس والسابع، وغزواً استيطانياً مُريعا قد دَمَّر دونما شك الكثير من موروثنا الأدبي والعلمي والحضاري ومع إطلالة القرن الثامن الهجري أدرك الأدباء والعلماء والمؤرخون العرب المسلمون أهمية الحفاظ على هذا التراث العربي الإسلامي العظيم، فَنَهدوا إلى تصنيف موسوعات كبرى وفنون علمية حفاظاً عليه من الضياع والتبدد، وهكذا بدأ عصر الموسوعات والمتون العلمية والشروح على المتون، وهي السمات البارزة في النتاج الأدبي والفكري خلال القرن الثامن الهجري، مؤمنين بضرورة انتفاع الخلف من معارف السلف وما أبدعته عقولهم، وليقوموا هم بتطوير ما وصلهم شرحاً وتفسيراً0

وأنا في الأصل رجل قانون لا أُلقي الكلام على عواهنه، وإنّما أعضده بالدليل والحجة والبرهان، من أجل ذلك سأبسط صورة الحركة الفكرية في القرن الثامن الهجري ليتضح بالدليل العلمي خطأ تسمية هذا القرن والقرن الذي سبقه بـ " الفترة المظلمة "0

 

 

فأماّ أنّه قرن الموسوعات الكبرى فحسبنا شاهداً عليه:

أولاً: موسوعة" نهاية الأرب في فنون الأدب" لأحمد بن عبد الوهاب النويري القريشي(ت733هـ ) وقد طبع منه بمصر حتى الآن أكثر من ثلاثين مجلداً.

ثانياً : موسوعة " مسالك الأبصار في ممالك الأمصار" لأحمد بن يحيى بن فضل العمري (ت749هـ)، وهو في الأصل كتاب في الجغرافية وتقويم البلدان، لكنه تضمن كتباً مبسوطة في التاريخ والتراجم ومختار الشعر والكلام على النبات والحيوان والإنسان، فهي موسوعة لا غنى لباحث في الآداب عنها0 وقد طبعها بالتصوير المستعرب التركي العلامة فؤاد سزكين في بضعة وعشرين مجلداً.

ثالثاً : موسوعة " مباهج الفِكَر ومناهج العِبَر " لمحمد بن إبراهيم الأنصاري الشهير بالوطواط ( ت 718هـ)0 وهي موسوعة وقعت في أربعة مجلدات، خصص الأول للسماء والكواكب والآثار والأيام، والثاني : للأرض، والثالث للحيوان والرابع للنبات0

وما زالت هذه الموسوعة مخطوطة حتى اليوم0

   والقرن الثامن أيضا كان قرن " المتون العلمية" المتخصصة0 واكتفي هنا بذكر بعضها مما صنّفه العراقيون من هذه المتون:

1- " الكافية البديعية في علوم البلاغة ومحاسب البديع" لصفي الدين الحلّي    (ت 750هـ) وهي منظومة في مدح الرسول الأعظم تضّم مائة وخمسة وأربعين بيتاً في البحر البسيط وتشتمل على مائة وواحد وخمسين نوعاً من محاسن البديع0 وهي تمثل استدراكاً رائعاً على كتاب" تحبير التحرير"    لابن أبى الإصبَع المصري(ت 654هـ)، وقد شرحها ناظمها وطبع المتن والشرح بتدقيق نسيب نشاوي في دمشق سنة 1983 0

2- منظومة " لوامع الأنوار في نظم غريب الموطأ وصحيح مسلم " لابن رضوان الموصلي محمد بن محمد بن عبد الكريم(ت 774هـ)0 ونسخة المؤلف ما زالت مخطوطة في مكتبة الأوقاف العامة ببغداد.

3-  " نهج الرشاد في نظم الاعتقاد " ليوسف بن محمد العُبادي العقيلي السُرَّمرّي (ت 776هـ) وهي أرجوزة في الفقه الحنبلي، نشرتُها محققة في العدد الأول من مجلة جامعة صدام للعلوم الإسلامية- بغداد 1993 0 ولهذا العالم متن منظوم آخر في ألف بيت عنوانه " نظم الغريب في علم الحديث ".

4- منظومة " أنيس الغريب وجليس الأريب " وهي في غريب القرآن، ومنها تحقيقات لغوية بالغة الأهمية، نظمها نصر الله أحمد بن محمد التستري البغدادي المعروف بالجلال البغدادي (733-812 هـ) وكانت منه مخطوطة بمكتبة المرحوم عباس العزاوي.

5- ألفية في الخط والكتابة عنوانها " العناية الربانيّة في الطريقة الشعبانية " وألفية في النحو عنوانها " كفاية الغلام في إعراب الكلام " وألفية في العروض والقوافي عنوانها " الوجه الجميل في علم الخليل " 0 هذه الالفيات الثلاث نظمها زين الدين شعبان بن محمد الآثاري القرشي الموصلي مولدا المصري مدفناً(765-828هـ) وكلها مما نظمه في القرن الثامن الهجري حسبما وجدت في مخطوطاتها0 وكنت نشرت ألفية الخط في بغداد سنة 1979، وألفية النحو في بيروت سنة 1987 بمشاركة أخي الدكتور زهير زاهد، وألفية العروض والقوافي في بيروت سنة 1997 0

6- منظومة في القراءات على وزن الشاطبية، ونظم " النافع " في الفقه وكلاهما لفخر الدين بن النصيح العراقي (ت 755هـ )0

7- " أرجوزة الأنغام " وهي منظومة في الموسيقى نظمها بدر الدين محمد بن على الأربلي سنة 729هـ، ونشرها المرحوم عباس العزاوي في كتابه   "الموسيقى العراقية".

8-  " إرشاد القاصد إلى أسنى المقاصد " لمحمد بن إبراهيم الأنصاري السنجاري الشهير بابن الأكفاني (ت 749 هـ ) – نشرها الشيخ طاهر الجزائري – بيروت 1904.

9- الرسالة العضدية في الوضع لعبد الرحمن بن أحمد الأيجي (ت 756 هـ)، وهي متن علمي يعين ألفاظ اللغة من حيث الوضع.

ومن غير العراقيين:

10- عبد الله بن يوسف بن أحمد الشهير بابن هشام (708-761هـ) ومولده ووفاته بمصر0 قال ابن خلدون : ما زلنا ونحن بالمغرب نسمع أنه ظهر بمصر عالم بالعربية يقال له ابن هشام أنحى من سيبويه0 من تصانيفه المطبوعة:" مغني اللبيب عن كتب الأعاريب" و" أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك" و" موقد الأذهان وموقظ الوسنان " وشذور الذهب في معرفة كلام العرب " و" الإعراب عن قواعد الإعراب " و" قطر الندى وبلّ والصدى "   و " اعتراض الشرط على الشرط " و " إقامة الدليل على صحة التمثيل وفساد التأويل" و " تخليص الشواهد وتلخيص الفوائد " و " الجامع الصغير في النحو " و " شرح قصيدة بانت سعاد " و " شرح اللمحة البدرية في علم اللغة العربية" و " فوح الشذا بمسألة كذا " و مسألة الحكمة في تذكير قريب في قوله تعالى "( إن رحمة الله قريب من المحسنين )" و " المسائل السفرية في النحو " و " مسائل في إعراب القرآن "0

11-  ابن عقيل عبد الله بن عبد الرحمن (ت 769 هـ)0 وكان إماماً في النحو والبلاغة وله " شرح ألفية ابن مالك " وبه اشتهر0

وانماز القرن الثامن أيضاً، بأنه القرن الذي صُنِّفَت فيه أكبر موسوعات التراجم والسير في المكتبة على الإطلاق0 فيه صنّف صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي (ت 776هـ) موسوعته الضخمة " الوافي بالوفيات " وقد طبع منها حتى اليوم أكثر من عشرين جزءاً.

وفيه صنّف محمد بن أحمد بن الذهبي(ت 748هـ) موسوعته المعنونــة " سير أعلام النبلاء " وقد طبعت في خمسة وعشرين مجلداً وموسوعته الصغــرى " العِبَر في خبر من غَبَر " في خمسة أجزاء

وفيه صنّف محمد بن شاكر الكتبي (ت 764هـ) موسوعته:  " فوات الوفيات " وقد حققها إحسان عباس وأخرجها في خمسة أجزاء. و" عيون التواريخ" و هو كتاب تراجم أيضا نشرت منه المؤرخة نبيلة عبد المنعم عدة أجزاء بعضها بالمشاركة، ومازال الباقي وهو الأكثر ينتظر النشر0

إن هذه الموسوعات وإن كانت كتب سير وتراجم إلا أنها طفحت بنفائس الشعر والنثر والأخبار الادبية، فهي كتب تاريخ وأدب دون شك. ولابُدّ لنا ونحن في معرض الحديث عن موسوعات التراجم والسير المصنفة في القرن الثامن أن نشير إلي أنّ ابن الفُوطي عبد الرزاق بن أحمد الشيباني(642-723هـ) صنّف في القرن المذكور أوسع معاجم الألقاب: قال الذهبي في تذكرة الحفاظ ما نصه: " كتب من التواريخ ما لا يوصف و مصنفاته وَقْرُ بعير0 ثم عمل تاريخاً في خمسين مجلداً أسماه " مجمع الآداب في معجم الأسماء على معجم الألقاب "0 وهذا المعجم العجيب شاء القدر أن يسلم الجزء الرابع منه، فنشره العلاّمة مصطفى جواد بدمشق في أربعة مجلدات ضخام، فكيف كان الأمر لو وصلنا المعجم كاملا؟ ثم إنّ أوفى موسوعة في أسماء رجال الحديث صنّفها الحافظ يوسف المزي( ت742هـ) في هذا القرن بعنوان " تهذيب الكمال في أسماء الرجال " وقد طبعه بشار عواد معروف في خمسة وثلاثين مجلداً.

وانماز هذا القرن أيضا بنهود جمهرة من مؤرخيه إلى كتابة تواريخهم فيه، فكان ممن طبعت تواريخه : الذهبي وموسوعتــــه " تاريخ دول الإسلام "حققه عبد السلام التدمري، وابن كثير(ت774هـ) وتاريخه " البداية والنهاية " وعبد الله اسعد اليافعي (ت 768هـ) وتاريخه " مرآة الجنات "، والأشرف الغساني(ت803هـ) وتاريخه " العسجد المسبوك " وابن الوردي عمر بن مظفر (ت749هـ) وتاريخــه " تتمة المختصر في أخبار البشر". وابن خلــدون       (732-808هـ) وتاريخه " كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر ". هذه التواريخ المطبوعة أشهر من أن أُفَصِّل القول فيها، وكلها من نتاج القرن الثامن الهجري.

أكثر من هذا أن جُلّ " كتب الطبقات " صُنِّفت في هذا القرن ومنها:

طبقات الشافعية الكبرى لعبد الوهاب بن على السبكي(ت771هـ)، وطبقات الشافعية الصغرى للأسنوي(ت772هـ) والديباج المذهب في معرفة أعيان المذهب لابن فرحون المالكي(ت799هـ) في تراجم المالكية، والجواهر المضيّة في طبقات الحنفية لعبد القادر بن أبي الوفاء القرشي الحنفي (ت775هـ) والذيل على طبقات الحنابلة لابن رجب عبد الرحمن بن أحمد البغدادي(ت795هـ)، كلها صنفت في القرن الثامن0

وفي ميدان البلاغة صنّف جلال الدين القزويني كتابيه : تلخيص مفتاح العلوم للسكاكي والإيضاح في علوم البلاغة، ونالا شهرة واسعة حتى يومنا هذا. ومصنفهما واسمه محمد بن عبد الرحمن لم يكن أعجمياً حسبما توهم نسبته، وإنما هو عربي من بني عجل موصلي المولد وتوفى في دمشق سنة 739هـ0

قلت أن القرن الثامن هو قرن الموسوعات الكبرى وقرن المتون العلمية المنظومة وقرن كتب التاريخ والطبقات الشهيرة، وأضيف إنه قرن " الشروح المبسوطة على النصوص التراثية المهمة"   و أمثل لذلك: بألفية ابن مالك، فقد شرحها عالمان جليلان من رجال هذا القرن هما: ابن عقيل وابن هشام وقد   مرّ ذكرهما0

وأمثّل لذلك أيضا: بالغيث المسجم في شرح لامية العجم للصفدي، وبتمام المتون في شرح رسالة ابن زيدون للصفدي أيضاً0 وبسرح العيون في شرح رسالة ابن زيدون لابن نُباتة المصري (ت768هـ)0

ويسيل بنا الحديث إلى معاجم اللغة العربية لنجد:

أن ابن منظور الإفريقي التونسي(ت711هـ) صنّف لسان العرب، وهو أضخم معاجم العربية وملأه بالشواهد الشعرية مما لا مثيل له في بقية المعاجم السابقة عليه، صنّفه في هذا القرن. وكذلك صنع أحمد بن محمد الفيومي      (ت770هـ) معجـــمه " المصباح المنير" في القرن الثامن أيضاً، وكذلك صنع الفيروز آبادي (ت817هـ) قاموسه المحيط فيه أيضاً.

وثمة كلمة تخص الشعر العربي بالذات: إن كتب المختارات الشعرية ابتداءً من المفضليات فالأصمعيات، فالمختارات التي اصطلح على تسميتها بالحماسات مثل حماسة أبى تمام وحماسة البحتري والشجري والزوزني والبصري، وكتب المختارات الشعرية التي سميت بأسماء أخرى مثل منتهى الطلب والتذكرة السعدية والتذكرة الفخرية0 كل هذه المختارات والحماسات والتذكـرات ليس فيها من " الشعر الصافي " كما يسميه لامارتين، وهو الشعر الخالد غير المرتبط بالأشخاص أو الأحداث أو المناسبات إلا القليل0 لكن هذا القرن انماز بكتاب " مختارات شعرية " كان كلّه من الشعر الصافي الخالد عبر الزمن، وأعني به كتـاب " حدائق الأنوار وبدائع الأشعار " لجنيد بن محمود بن محمد الذي انتهى من تصنيفه سنة 790هـ 0 لقد اختار مصنفه أكثر من ثمانمائة مقطعة ثلثها في الربيع ومظاهره وثلثها في وصف الأزهار زهرة زهرة وثلثها في وصف الثمار ثمرة ثمرة.

 

 

وقد أسعدني الحظ بتحقيق هذا الكتاب ونشره في بيروت سنة 1995، بعد معاناة استمرت عشرين عاماً معتمداً نسخة مخطوطة فريدة في الدنيا0

وأُضيف أن المكتبة الشعرية العربية تعتز بكتب التشبيهات، وقد طبعت منها ثلاثة: تشبيهات ابن أبي عون إبراهيم بن محمد (ت322هـ) بتحقيق محمد عبد المعيد خان0وغرائب التنبيهات على عجائب التشبيهات لابن ظافر الأزدي       (623هـ) بتحقيق مصطفى الصاوي وتشبيهات أهل الأندلس لابن الكتاني      (ت في حدود 420هـ) بتحقيق إحسان عباس، لكن القرن الثامن هذا خلّف لنا أوسع وأمتع كتب التشبيهات الشعرية وعنوانه " الكشف والتنبيه عن الوصف والتشبيه " صنّفه الصفدي0 وقد حققته عبر عقدين من السنين ودفعته إلى المطبعة. جدير بالذكر أن أدباء الأندلس وهم يرون تساقط المدن الأندلسية بأيدي القشتاليين الإسبان، بادروا إلى تصنيف الموسوعات في شتى فنون الأدب وأكتفي الإشارة إلى موسوعتين من كتب المختارات الشعرية هما : جيش التوشيح للسان الدين بن الخطيب ت  (76هـ) و( عدة الجليس) لابن بشري الغرناطي، وكلاهما من وفيات القرن الثامن0 وقد ضّم كل كتاب منهما مجموعة متميزة من الموشحات الاندلسية.

هذا عدا كتاب " الإحاطة في أخبار غرناطة " وهو كتاب تراجم وسير طبعت منه أجزاء أربعة.

لقد كان عبد العزيز بن سرايا الطائي الحلّي الشهير بصفيّ الدين         (ت750هـ)، أبرز شعراء القرن الثامن الهجري على امتداد الوطن العربي0 وكان شاعراً كبيراً ومصنفاً شهيراً أيضاً. أما أنه شاعر كبير فيشهد على ذلك ديوانه الضخم الذي لم يطبع حتى الآن طبعة علمية. وأمّا أنه مصنف شهير فذاك ما تدل عليه كتبه الثلاثة:

الأول: العاطل الحالي والمرخص الغالي: وقد نشره المستشرق ولهلم هونرباخ في ويسبادن بألمانيا ستة 1955 ثم أعاد نشره صديقنا حسين نصار في مصر 1981ثم أعيد نشر طبعة حسين نصار في بغداد ايضاً0 وقد خصه صفي الدين بالشعر الملحون: الزجل والمواليا والكان وكان والقُوما. وهو أهم كتاب قديم تعرض لهذه الفنون0 لكنه لم يدرس حتى الآن دراسة علمية تليق به0

والثاني: مخطوطة كتابه" المثالث والمثاني في المعالي والمعاني " ومن نسخة في دمشق وأخرى في التيمورية بالقاهرة، ومازال الكتاب يحن إلى التحقيق والنشر0

والثالث: " شرح الكافية البديعية " التي نشرت محققة كما ذكرنا فيما تقدم لكنها لم تدرس حتى اليوم دراسة علمية0

ويبقى الحديث بعد هذا عن النقد الأدبي في القرن الثامن الهجري0

إن النقد الأدبي والتأريخ له قد تحولا بعد غياب عبد القاهر الجرجاني      (ت471هـ) إلى علم يصوغه المنطق وتغذيه الفاسقة حتى استحال إلى جملة من القواعد الجافة غاب معها الذوق السليم0 وكان ظهور ضياء الدين بن الأثير(ت637هـ) "ومثلُه السائر" بمثابة انتفاضة جديدة للنقد الادبي0 ثم عاد النقد بعده إلى رقدته0

حتى إذا جاء الصفدي في القرن الثامن أعاد للنقد الأدبي نكهته وروحه حين جعل للذوق الأدبي مكانته الرفيعة في العمل النقدي0 وقد جسّد آراءه هذه في ثلاثة كتب:

الغيث المسجم في شرح لامية العجم- ولم يطبع حتى اليوم طبعة علمية0

ونصرة الثائر على المثل السائر- وقد طبع بتحقيق محمد علي سلطاني طبعة علمية0

والثالث: كتاب " الاقتصار على جواهر السلك في الانتصار لابن سناء الملك " وهو مخطوط، حققته لأول مرة بمشاركة الدكتورة السيدة ظمياء محمد عباس وهو في طريقه إلى القراء إن شاء الله0

وتمثل هذه الكتب الثلاثة قمة تطور النقد الأدبي في القرن الثامن الهجري.

هذه أهم سمات العطاء الأدبي والفكري في القرن الثامن الهجري. وبعد: فهل يصح بعد هذا كله القول: إن القرن الثامن الهجري هو من قرون الفترة المظلمة؟ وهل يصح أن ننظر إلى الحالة الأدبية والفكرية بالمنظار السياسي وأن نقيسها عليه؟

  

 

 


ليست هناك تعليقات

فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا