-->
مساحة إعلانية

تعريف القرار الإداري وأنواعه- - تعريف القرار الاداري وانواعه




تعريف القرار الإداري وأنواعه 

أولا : تعريفه : هو إفصاح جهة الإدارة عن إرادتها الملزمة بما لها من سلطة عامة بمقتضى القوانين بقصد إحداث أثر قانوني معين متى كان ممكناً وجائزاً قانوناً تحقيقاً للمصلحة العامة(1) ، وسيتضح ما ورد بالتعريف عند بيان أركان القرار، ونتناول هنا أنواعه(2).

ثانيا : أنواع القرارات الإدارية : 1- من حيث المصدر :

 القرارات الصادرة عن الملك وهي:

‌أ-  الأمر الملكي بتعيين رجال الدولة كتعيين نواب رئيس مجلس الوزراء والوزراء وعلماء الإسلام والأمراء والمحافظين ، والضباط والقضاة، والقرارات الصادرة بمنح الرتب والألقاب..الخ

‌ب-     المرسوم الملكي ويصدر في شكل قرار مكتوب كموافقة نهائية على بعض شؤون الدولة وذلك بعد إقرارها من مجلس الوزراء مثل التصديق النهائي على الأنظمة والمعاهدات والاتفاقيات الدولية ومنح عقود الامتياز والاستثمار.

‌ج-الأمر السامي : ويصدر كتابة أو شفاهة مثل اعتماد  قرارات الإصلاح الإداري واعتماد السفراء والموافقة على تنفيذ الأحكام.

‌د- التوجيه الملكي: ويصدر إما شفهياً أو تحريرياً لمتابعة أحوال المواطنين وأنشطة الأجهزة الإدارية.

‌ه- قرارات مجلس الوزراء وقرارات الوزراء: فمجلس الوزراء يصدر القرارات التنظيمية أو التنفيذية التي تكفل التنسيق بين الوزارات والمصالح العامة ومراقبة تنفيذ الأنظمة واللوائح والقرارات الصادرة في هذا الشأن ، أما القرارات الوزارية فهي تلك التي تصدر عن الوزراء وتشمل اللوائح التنظيمية واللوائح التنفيذية عندما يخولهم النظام سلطة إصدارها ، والقرارات الفردية التي تتعلق بشؤون المصالح العامة التابعة للوزارات التي يرأسونها .

‌و- قرارات الهيئات المركزية الصادرة عن مجلس الوزراء والوزراء والجهات المركزية الأخرى ، وقرارات الهيئات اللامركزية الصادرة عن أمراء ومدراء أو رؤساء المناطق والبلديات والمؤسسات العامة …الخ.

2- من حيث مداها :  أ- القرارات الفردية : وهي التي تصدر لمخاطبة شخص معين بالذات كتعيين أحد الأفراد في وظيفة ما أو تفويضه في بعض الاختصاصات أو منح شخص معين رخصة أو سحبها منه أو نزع ملكية عقار أحد الأفراد ، وكذلك قرار تعيين مجموعة من الأشخاص محددين بذواتهم في وزارة أو مؤسسة معينة أو نقلهم أو ترقيتهم ، والقرار الفردي ينتهي بمجرد تطبيقه لاستنفاد الغرض منه .

ب- القرارات التنظيمية : وهي القرارات التي تضع قواعد عامة مجردة تطبق على عدد غير محدد من الأشخاص ويستوي في هذا كثرة أو قلة من تنطبق في حقهم ، فالعبرة بعمومية القاعدة وموضوعيتها ، وأنها تنطبق على شخص أو أشخاص معينين بأوصافهم لا بذواتهم فالقاعدة التي تضع شروطاً للتعيين في وظيفة مدير عام رغم أنها تتعلق بفرد واحد إلا أنه لم يحدد بالاسم ، وإنما بالصفة الوظيفية التي يمكن أن تمنح لأي شخص تتوافر فيه الشروط العامة التي تتضمنها القرارات التنظيمية أو النصوص القانونية وتتعدد صور القرارات التنظيمية فقد تصدر في شكل لائحة أو أمر عسكري أو قرار من مجلس الوزراء أو قرار وزاري وتعد اللوائح أهم صور القرارات الإدارية التنظيمية وقد سبق دراستها بالتفصيل كمصدر من مصادر القانون الإداري.

3- من حيث أثرها في مواجهة الأفراد : هناك نوع من القرارات يقتصر أثره القانوني على الإدارة وحدها ويطلق عليها الإجراءات الداخلية مثل التعميمات والمنشورات والتعليمات التي يصدرها رؤساء المصالح الإدارية لمرؤوسيهم لتوضيح كيفية تطبيق القوانين واللوائح على الحالات التي تواجههم فهي لا تفرض التزاماً على الأفراد ولا تمس مراكزهم القانونية وإنما تلزم المرؤوسين في مواجهة رؤسائهم ، وهذا النوع لا توجه إليه دعوى الإلغاء سواءً من الأفراد لأنها لا تخاطبهم أو من الموظفين لأنهم ملزمون بتنفيذ أوامر الرؤساء ، وهناك نوع آخر من القرارات الإدارية يمس المركز القانوني لأفراد المجتمع أو منسوبي الجهات الحكومية ويمثل القاعدة العامة للقرارات الإدارية حيث يسري في مواجهة الأفراد ويمكن أن توجه إليه دعوى الإلغاء.

4- القرارات المنشئة والقرارات الكاشفة : يقصد بالقرار المنشئ ذلك القرار الذي يترتب عليه إلغاء أو تعديل أو إنشاء مركز قانوني معين مثل إلغاء ترخيص أو ترقية موظف أو تعيينه ، أما القرار الكاشف فهو تقريري لا ينشئ حالة جديدة وإنما يقتصر دوره على إثبات وتقرير حالة موجودة من قبل فهو يظهر هذه الحالة ويكشف عنها فقط لأنها موجودة في الواقع من قبل ، فالقرار الذي يكتفي بتفسير قرار سابق ، أو تأكيده يكون كاشفا لا منشئا ويتميز بأن آثاره تترتب منذ تاريخ وجود الآثار القانونية التي كشف عنها أما آثار القرار المنشئ فلا تترتب إلا من تاريخ صدوره.

5ـ من حيث القابلية للإلغاء : هناك قرارات يمكن رفع دعوى الإلغاء بشأنها أمام القضاء الإداري (ديوان المظالم) . وهناك قرارات لا يقبل الديوان دعاوى ضدها وتسمى أعمال السيادة أو أعمال الحكومة كما سنرى عند دراسة اختصاصات ديوان المظالم.







الفرع الثاني

أركان القرار الإداري

يجب أن تتوافر أركان معينة كي ينشأ القرار الإداري صحيحاً (1) وهي:

أولاً : ركن السبب : يعرف ركن السبب

بأنه : الحالة الواقعية أو القانونية التي تخول صاحب الصلاحية إصدار القرار المناسب لمجابهة هذه الحالة(2) ، والحالة الواقعية قد تكون بفعل الطبيعة مثل الزلازل والبراكين والفيضانات والحرائق والسيول .. الخ ، أو بفعل الإنسان مثل أعمال الشغب والمظاهرات وكل ما من شأنه الإخلال بالنظام العام

 أما الحالة القانونية : فتتمثل في وقوع مخالفة تأديبية من موظف تستوجب معاقبته تأديبياً، أو تقديمه لطلب استقالة يحتاج إلى قرار بقبولها أو رفضها

 فالحالة القانونية هي واقعة معينة ، توافرت فيها شروط محددة تدفع الإدارة إلى إصدار القرار ، والسبب ليس عنصراً نفسياً داخلياً لدى مصدر القرار وإنما هو عنصر خارجي موضوعي من شأنه تبرير صدور القرار ، أي يجب أن تتوافر وقائع معينة لا شأن لها بالبواعث النفسية والشخصية لكي يصدر القرار صحيحا ، وفي حالة وجود السبب يختلف التزام الإدارة بإصدار القرار تبعاً لما إذا كانت سلطتها تقديرية ( وهنا يكون لها حرية اتخاذ القرار من عدمه مع مراعاة ضوابط هذه السلطة) أم كانت سلطتها مقيدة فتلتزم باتخاذ الإجراء إذا توافر السبب فمثلا إذا كانت الترقية بالاختيار فلها حرية إصدار قرار الترقية أو عدم إصداره، أما إذا كانت الترقية بالأقدمية فإنها تلتزم بترقية من توافرت فيهم الأقدمية المنصوص عليها نظاما، فسلطتها عند الاختيار تقديرية أما في حالة الأقدمية فسلطتها مقيدة.

ثانياً : ركن الشكل :

يقصد به المظهر الخارجي الذي يتجسد فيه القرار وتظهر فيه إرادة الإدارة بأنها تريد إحداث أثر قانوني معين ، والقاعدة العامة أن الإدارة ليست ملزمة بإتباع شكل معين في تعبيرها عن إرادتها ما لم يفرض عليها النظام شكلا معينا ، فقد يكون القرار مكتوباً أو شفهياً صريحا أو ضمنياً(1) ، ومن أمثلة القرار الضمني : اعتبار استقالة الموظف المدني مقبولة بقوة النظام طبقاً لنظام الخدمة المدنية إذا لم يصدر من الإدارة قرار صريح بقبولها أو رفضها خلال تسعين يوماً من تاريخ تقديم الطلب ، وقد يكون القرار إيجابيا أو سلبيا ويتحقق القرار السلبي عند إحجام الإدارة عن اتخاذ قرار كان من الواجب عليها اتخاذه أو التزامها الصمت وعدم الرد ، على سبيل المثال تقضي المادة 138 من نظام خدمة الضباط بأنه :"عند التماس الضابط إعادته للخدمة أو رد أقدميته يجوز إخطاره بتوصية لجنة الضباط خلال شهرين من تاريخ تقديم الطلب وعند عدم إخطاره بقرار اللجنة خلال ثلاثة أشهر من تاريخ ورود الطلب إلى اللجنة يعتبر طلبه مرفوضا" ، ومعنى هذا أن سكوت الإدارة عن الرد خلال مدة معينة يعتبر قراراً إدارياً هذا في حالة عدم التزامها نظاما بالرد ، أما إذا ألزمها النظام بالرد أو اتباع شكل معين في قراراها هنا يتعين على الإدارة التقيد بالنص كما لو فرض عليها أخذ رأي جهة أو لجنة معينة ، أو إجراء تحقيق قبل توقيع الجزاء أو الرد خلال مدة معينة كوجوب رد المرجع على الضابط طالب الاستقالة خلال ثلاثة أشهر إما بالقبول أو بالرفض ، وأيضا وجوب إبلاغ الضابط من قبل قائده الذي كتب عنه تقريراً غير مرضٍ بمضمون ذلك التقرير ويوقع بالإطلاع وله حق الاعتراض عن طريق مرجعه خلال أسبوعين من تاريخ إبلاغه(1).

ثالثاُ: ركن الاختصاص  :

 يقصد بالاختصاص صلاحية أو سلطة رجل الإدارة التي تمكنه من إصدار القرار سواء تعلقت هذه السلطة أو الصلاحية بالشخص أو المكان أو الزمان أو الموضوع : أ – فالاختصاص الشخصي: يعني أن القانون أو النظام يحدد الأفراد الذين يجوز لهم دون غيرهم مباشرة أعمال إدارية معينة بحيث لا يجوز التخلي عنها أو التفويض فيها إلا طبقاً للحالات التي حددها النظام كتحديد اختصاصات الوزراء وأمراء المناطق.

ب- والاختصاص المكاني: يعني أن لرجل الإدارة منطقة جغرافية معينة يباشر اختصاصه فيها ولا يجوز له مباشرة عمله خارجها كالإطار الجغرافي لمنطقة الرياض أو مكة المكرمة….الخ.

جـ – والاختصاص الزماني: يتعلق بالمدة التي يكون من حق رجل الإدارة اتخاذ القرار خلالها فإذا لم يكن على قوة العمل بسبب الفصل من الخدمة أو الاستقالة أو الإعارة أو الوقف عن العمل فلا يجوز له ممارسة أية اختصاصات وظيفية.

د – والاختصاص النوعي أو الموضوعي: يتعلق بتحديد فئات الأعمال وتوزيع كل فئة على جهة إدارية معينة لا يجوز لأي منها مباشرة أعمال أخرى غيرها دون سند نظامي مثل تحديد اختصاصات الدفاع المدني أو الأمن العام أو الجوازات أو الصحة أو التعليم أو الزراعة ..الخ ، لذا يجب على رجل الإدارة التقيد بالاختصاص الشخصي والمكاني والزماني والنوعي المحدد نظاما كي يكون القرار صحيحا.

رابعا : محل القرار:

هو مضمون أو موضوع القرار ويعرف بأنه: الأثر القانوني الذي يترتب على القرار حالاً ومباشرة ، بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين، وبذلك يتميز عن محل الأعمال المادية للإدارة والذي يتمثل في نتيجة واقعية (كشق طريق أو حفر بئر أو هدم منزل أو إتلاف مال) ، فالأثر القانوني للقرار قد يكون : إنشاء مركز قانوني مثل قرار تعيين موظف أو منح رخصة محل أو سيارة ، وقد يكون تعديل مركز قانوني مثل قرار الترقية أو الإيقاف عن العمل أو النقل أو إنزال المرتبة،  وقد يكون إلغاء مركز قانوني مثل الفصل من الخدمة أو سحب الترخيص أو إلغاء الوظيفة ، وبصفة عامة يشترط في محل القرار أن يكون ممكناً ( فلا يعين شخص على وظيفة غير موجودة أو تمنح رخصة سيارة لمن لا يملكها) ، وجائزاً شرعا ونظاما (فلا يجوز منح رخصة محل للاتجار في المخدرات أو المسكرات ولا يمنح ترخيص لمن لا تتوافر في حقه الشروط النظامية).

خامسا : الغاية من القرار :

هو الهدف النهائي الذي يبتغي رجل الإدارة بقراره تحقيق هذا الهدف، والسلطات المقررة للإدارة العامة لا تعتبر غايات في ذاتها، وليست مقررة لصالح وحساب الإدارة ، ولا تعد مزايا شخصية لموظفين معينين تكون لهم الحرية المطلقة في استخدامها إنما هي مقررة لتحقيق المصلحة العامة ، فالغاية من تعيين موظف ليس منحه مزايا الوظيفة وإنما ضمان سير المرافق العامة بانتظام تحقيقا للمصلحة العامة التي تعتبر الغاية العامة التي يتعين على الإدارة أن تهدف في كل أعمالها إلى تحقيقها ، ونظراً لأن معنى المصلحة العامة واسع غير محدد وغير واضح المعالم ، لذا فإن المنظم يتدخل كثيراً ليحدد للإدارة بجانب هذا الهدف العام "المصلحة العامة " هدفاً خاصاً ، وهنا يتعين على رجل الإدارة أن يستهدف تحقيق الهدف الخاص بجانب تحقيق الهدف العام  فيراعى عند إصدار قرارات التعيين أو النقل أو توقيع العقاب أو الترقية بالاختيار أو نزع الملكية للمنفعة العامة أن يكون الهدف منها تحقيق الصالح العام وليست المصالح الشخصية لمن يملكون صلاحية إصدار هذه القرارات فإذا تخلف أحد أركان القرار الإداري السابقة كان القرار معيبا وبالتالي باطلا كما سنرى عند دراسة عيوب القرار الإداري في الفرع التالي.

الفرع الثالث

عيوب القرار الإداري

ونبين هنا العيوب التي تلحق بأركان القرار وتؤدي إلى بطلانه وهي(1):-

أولا : عيب السبب :

 هو عدم قيام القرار على حالة واقعة أو قانونية تبرر صدوره فيصبح معيبا ، وتخلف ركن السبب يؤدي إلى بطلان القرار(1) كما يتضح من الآتي:-

صور بطلان السبب:

1- عدم وجود الوقائع (أي تخلف الوجود المادي للوقائع) فلكي يكون القرار الإداري صحيحا يجب أن تكون الأسباب (الحالة الواقعية أو القانونية) متوافرة ويراقب القضاء الإداري (ديوان المظالم) مدى توافر هذه الأسباب للفصل في دعوى إلغاء القرار الإداري، فإذا تبين للقاضي عدم توافر هذه الأسباب قضى ببطلان القرار استنادا لعيب السبب .

أمثلة لعيب السبب :

أ‌-        صدور قرار من البلدية بهدم منزل إدعاءً بأنه آيل للسقوط في حين أنه ليس كذلك بدليل عدم توفر تقرير هندسي صحيح من مهندس متخصص.

ب‌-      صدور قرار من جهة أمنية بالقبض على شخص لاشتراكه في أعمال شغب في يوم معين في حين أنه كان خارج البلاد خلال هذه الفترة.

ت‌-      صدور قرار بقبول استقالة موظف في حين أنه لم يتقدم بطلب الاستقالة.

ث‌-      صدور قرار بتوقيع الجزاء على أحد منسوبي الجهات الحكومية إدعاء بأنه أخل بواجب وظيفي معين ويثبت الموظف عدم صحة ذلك.

فلكي يكون سبب القرار صحيحا يجب أن تكون النتيجة التي انتهى إليها القرار مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها (مادية أو قانونية) فإذا كانت مستخلصة من أصول غير موجودة أو لا تنتجها كان القرار فاقدا لركن السبب ومستوجبا الإلغاء.

1ـ عدم صحة التكييف القانوني للوقائع : تتوقف صحة القرار الإداري على قيام الإدارة بالتكييف القانوني الصحيح للوقائع ، والقضاء الإداري يراقب مدى صحة هذا التكييف فإذا كان غير قانوني قضى ببطلان القرار الإداري لعيب السبب ، وتظهر عدم صحة التكييف القانوني إذا كانت الوقائع المادية مع ثبوتها لا تؤدي إلى هذا الوصف فمثلا : إذا رفضت الإدارة منح ترخيص بناء استنادا إلى أن الميدان المطلوب إقامة البناء فيه أثري وإقامة المبنى فيه يلحق ضررا بالقيمة الأثرية لهذا الميدان رغم أن الحقيقة هي عدم دخول الميدان في عداد الأماكن الأثرية فإن تكييف الواقعة على هذا النحو يكون تكييفا غير صحيح وبالتالي فإن قرار رفض الترخيص يعد باطلا لعيب السبب ،  أيضا إذا وقعت الإدارة جزاء على أحد منسوبيها بدعوى أنه أذاع أسرار العمل في حين أن حقيقة التصرف لا ينطبق عليها وصف السرية وأن إذاعته لا تضر بالعمل فإن قرار العقاب يكون باطلا لعدم صحة التكييف القانوني للوقائع الصادرة من الموظف ، أيضا إذا رفضت الإدارة الترخيص بفتح محل تجاري بدعوى أن النشاط الذي يمارسه يعد من الأنشطة الخطرة أو المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة في حين أن هذا النشاط لا يندرج بطبيعته تحت أي من هذه الأنواع فإن قرار الرفض يكون باطلا لعدم صحة التكييف القانوني للنشاط، أيضا إذا صدر قرار بتوقيع جزاء على مدير إحدى الإدارات بدعوى أنه لم يشرف على العمل أثناء غيابه عن العمل لظرف قهري لديه رغم أن هناك من حل محله نظاما فإن قرار الجزاء يكون باطلا لأن الحال محله أثناء غيابه هو الذي يصبح مسؤولا عن العمل في حالة غياب الأصيل طبقا للقواعد النظامية للحلول السابق بيانها...الخ.

3- عدم التناسب بين القرار والأسباب التي استند عليها:  لكي يكون القرار مشروعا وغير مخالف للنظام يجب أن يكون هناك تناسب بين القرار الصادر وبين الأسباب التي دفعت الإدارة لإصداره فإذا انتفى هذا التناسب كان القرار باطلا ، على سبيل المثال إذا صدر قرار بتوقيع جزاء على موظف تأخر عشر دقائق لأول مرة عن مواعيد الدوام الصباحية بخصم شهر من راتبه فإن القرار يكون باطلا لعدم التلاؤم بين سبب القرار (تأخر عشر دقائق) والقرار الصادر بخصم شهر ، لذلك تنص المادة 34 من نظام تأديب الموظفين بالآتي:

 "يراعى في توقيع العقوبة التأديبية أن يكون اختيار العقوبة متناسبا مع درجة المخالفة مع اعتبار السوابق والظروف المخففة والمشددة الملابسة للمخالفة وذلك في حدود العقوبات المقررة في هذا النظام" وتجري أحكام ديوان المظالم على أن رقابته على قرارات الإدارة هنا هي رقابة مشروعية وليست رقابة ملاءمة فإذا تعرضت للملاءمة فيكون باعتبار هذه الملاءمة عنصرا من عناصر المشروعية بناءً على هذا لا يتعرض الديوان لرقابة الملاءمة إذا كان القرار قد استهدف المصلحة العامة وخلا من مخالفة النظام(1).

ثانيا : عيب المحل :

يكون محل القرار معيبا إذا كان مخالفا للنظام وتوافر هذا العيب يبطل القرار الإداري فلكي يكون القرار الإداري مشروعا يجب أن يكون محله ممكنا فإذا صدر قرار بترقية موظف ثم تبين أنه سبق فصله أو صدر قرار بإعارة شخص إلى خارج البلاد ونفذ القرار ثم صدر قرار بعد ذلك بإلزامه بالقيام ببعض أعمال وظيفته، وإذا صدر قرار بهدم منزل آيل للسقوط ثم تبين أنه قد هدم قبل ذلك فإن مثل هذه القرارات يكون تنفيذها مستحيلا وبالتالي باطلا) ويشترط أيضا في محل القرار أن يكون جائزا قانونا فالاستيلاء على عقار أحد الأفراد دون تعويض يكون غير نظامي ، وقرار توقيع الجزاء بعقوبة غير منصوص عليها يكون باطلا لمخالفته النظام.

صور عيب المحل :1- مخالفة المحل للنظام مباشرة : وهذه الصورة تتحقق إذا خالفت الإدارة النظام بإصدارها قرار يكون محله غير مشروع وتسمى هذه الصورة الامتناع عن تطبيق أحكام القانون .

أمثلة لمخالفة محل القرار للنظام :

أ‌-        فإذا صدر قرار بمنح ترخيص لمحل يمارس نشاطاً خطراً أو مضراً بالصحة أو مقلقاً للراحة في منطقة آهلة بالسكان بالمخالفة للنظام الذي يحدد ضوابط وشروط ممارسة هذه الأنشطة من حيث المكان والزمان وشروط السلامة فإن القرار يكون باطلا لمخالفة محله للنظام.

ب‌-      أيضا إذا تقدم شخص للحصول على رخصة سيارة وتوافرت فيه الشروط النظامية ورغم هذا رفضت جهة الاختصاص منحه الرخصة فإن قرارها يكون باطلا .

ت‌-      أيضا فإن صدور قرار نزع الملكية من مدير إدارة يكون باطلا لمخالفته للنظام الذي يتطلب صدور هذا القرار من الوزير المختص أو رئيس المصلحة المستقلة .

ث‌-      أيضا صدور قرار منح امتيازا أو استثمار بقرار من مدير عام يكون باطلا لأن النظام يشترط لمنح الامتياز أو الاستثمار أن يصدر بمرسوم ملكي

2- الخطأ في تفسير القاعدة النظامية : يقصد به قيام جهة الإدارة بإعطاء النص- سواء بحسن أو سوء نية_ مفهوما مغايرا لما يقصده المنظم من النص النظامي ومن أمثلة ذلك:

أ- توقيع جزاء على موظف بدعوى أنه خالف أوامر وتعليمات الرئيس في حين أنه في حقيقة الأمر قد أظهر لرئيسه مدى مخالفة أوامره للنصوص النظامية في حدود الأدب واللياقة ، وهذا حق للمرؤوس يكفله النظام، وحينما أصر الرئيس على رأيه كتابة قـام المرؤوس بتنفيذ أوامر الرئيس ومن ثم فإن توقيع الجزاء يكون في غير محله لأن الرئيس أخطأ في تفسير النصوص النظامية التي تلزم الموظف بتنفيذ أوامر الرئيس لأن التنفيذ هنا مقيد بعدم مخالفة هذه الأوامر للقواعد الشرعية والنظامية المطبقة في الدولة.

ب- قيام الموظف بتوزيع المطبوعات إذا كانت تهدف إلى الإخلال بأمن الدولة أو بث الفتنة هنا تكون محظورة ويعاقب فاعلها أما إذا كانت مطبوعات إسلامية صادرة بموافقة جهة الاختصاص (وزارة الإعلام) فإن قيام الموظف بتوزيعها لا يعد إخلالا منه بأمن الدولة لأن المطبوعة مرت بالمنافذ الرسمية التي حددتها الدولة ومن ثم فإن قرار معاقبة الموظف في الحالة الأخيرة يعد خطأ في تفسير النص الذي يحظر توزيع المطبوعات ذات الميول السياسية لأنه ما قام به الموظف يخرج من إطار هذا الحظر .

جـ- النص النظامي الذي يشترط الأمانة والدقة في أداء أعمال الوظيفة ويحظر على الموظف الاحتفاظ لنفسه بأصول الأوراق الرسمية يجب على الإدارة أن تفسر مصطلح الاحتفاظ هنا بأنه الاحتفاظ النهائي المضر بالمصلحة العامة لإمكانية توقيع العقاب على القائم به، أما إذا ثبت لجهة الإدارة أن الموظف قام بأخذ بعض الأوراق من الملفات إلى منزله لإتمام الأعمال المكلف بها وإعادتها إلى العمل وأن العرف الإداري جرى في مرجعه على ذلك فإن تصرف الموظف لا يعد مخالفة للنص بحظر الاحتفاظ بالأوراق ، فإذا أخطأ الرئيس في فهم هذا النص ووقع جزاء على الموظف فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القاعدة النظامية ويكون قراره باطلا لعيب في محل القرار.

د- قبول الموظف للهدايا من قريب أو صديق ليس بغرض التأثير على العمل لا مخالفة فيه للنص الذي يحظر على الموظف قبول الهدايا بغرض التأثير على العمل.

هـ- تفسير النصوص يجب أن يتم بحسن نية فإذا كان بسوء نية يكون خطأ في التفسير ومن ثم فإن النص الذي يوجب على الموظف المحافظة على شرف الوظيفة لا يتنافى معه قيام الموظف بانتظار زوجته المدرسة أو ابنته التلميذة أمام مدرسة البنات ولا يتنافى معه حق قيام ضابط الشرطة أو رجل هيئة الأمر بالمعروف بالوقوف حول الأماكن المشبوهة لمراقبة ورصد المترددين عليها إذا ثبت أنه يقوم بذلك أداء لعمله لا مشاركة منه في أنشطة هذه الأماكن.

و- حسن السمعة كشرط لتولي الوظيفة العامة أو الاستمرار فيها يجب أن يفسر بما يحقق المصلحة العامة ولا يضر بحق المرشح للوظيفة أو المعين فيها ، فإذا لم يكن للشخص سوابق إجرامية ولم تثبت عليه أية تصرفات تتعارض مع القواعد الشرعية والنظامية والعرفية الصحيحة لا تستطيع جهة الإدارة فصله من عمله أو رفض تعيينه إذا تقدم للوظيفة بدعوى سوء السمعة إذا لم تكن هناك أسانيد ومبررات مقنعة بذلك وإلا كان القرار باطلا لعيب في المحل نتج عنه الخطأ في تفسير النظام.

3- الخطأ في تطبيق القانون على الوقائع: يتحقق هذا العيب المبطل للقرار الإداري إذا طبقت الإدارة القاعدة النظامية على واقعة تختلف عن تلك التي قصدها المنظم مثل قيام الإدارة بتطبيق أحكام الندب على الإعارة أو صدور قرار دون توافر الشروط النظامية كتعيين شخص دون توافر شروط التعيين المحددة نظاما أو ترقية شخص مع تخلف شروط الترقية أو نزع ملكية عقار بالمخالفة للشروط النظامية أو منح رخصة لشخص غير أهل لها ولم تتوافر فيه الشروط النظامية لمنحها….الخ.

ثالثا : عيب عدم الاختصاص : يقصد به عدم القدرة نظاما على اتخاذ قرار محدد وقد يكون عيب عدم الاختصاص عاديا أو جسيما:

1- عدم الاختصاص العادي: هو الذي يكون أثره بطلان القرار لعدم الاختصاص المكاني أو الزماني أو الموضوعي لذا فإن صوره هي :

أ- عدم الاختصاص المكاني :ويعني صدور قرار من موظف يتعلق بإطار مكاني لموظف آخر لأن النظام حدد إطارا مكانيا لسلطة الرؤساء والمرؤوسين فالوزراء اختصاصاتهم تشمل إقليم الدولة كله لكن أمراء المناطق يقتصر اختصاص كل منهم على الإطار الجغرافي للمنطقة التي يرأسها ، أيضا مدراء البلديات والتعليم والصحة والأجهزة الأمنية….الخ لكل منهم إطار جغرافي معين يباشر النشاط الوظيفي خلاله فإذا أصدر أحدهم قرارا يخرج عن الإطار الجغرافي المحدد له كان قراره باطلا لعدم الاختصاص المكاني.

ب- عدم الاختصاص الزماني :

ويعني قيام الموظف بإصدار قرار خارج المدى الزمني الذي يجيز له ذلك فالموظف الذي انتهت خدمته بالفصل من الخدمة، أو الإحالة للتقاعد، والموظف المحال للاستيداع، أو المعار، أو المنقول، لا يجوز لأي منهم إصدار قرار يتعلق بالعمل الذي كان يشغله لأن صلته منقطعة بهذا العمل طبقا للنظام ، أيضا الرئيس الذي قامت ظروف استدعت أن يحل محله آخر طبقا للقانون لا يجوز له أثناء غيابه أن يعتدي عل اختصاصات خلفه بإصدار أي قرار يتعلق بالعمل وإلا كان القرار باطلا ، أيضا فإن صدور قرار بعد الموعد المحدد في نظام أو لائحة يجعل القرار باطلا لعدم الاختصاص الزماني.

جـ- عدم الاختصاص الموضوعي :

 يعني صدور القرار من موظف يخرج موضوع القرار عن اختصاصاته فمن المعلوم أن الأنظمة واللوائح والقرارات تحدد اختصاصات منسوبي الجهات الإدارية، كي تسير المرافق العامة بانتظام واطراد لذلك فإن صدور القرار من غير مختص بموضوعه يجعله باطلا.

صور عدم الاختصاص الموضوعي : اعتداء الموظف على اختصاصات رئيسه(1) ، واعتدائه على اختصاصات موظف آخر مواز له في السلم الإداري ، واعتداء الرئيس على اختصاصات المرؤوس التي تكون سلطته نهائية عليها بموجب الأنظمة واللوائح ، وإصدار الإدارات المركزية قرارات تكون بصفة نهائية من اختصاصات الإدارات اللامركزية…..الخ.

2- عيب عدم الاختصاص الجسيم : ويسمى اغتصاب السلطة ويعني إصدار القرار من غير ذي صفة مثل: صدور قرار من السلطة القضائية يدخل في اختصاص السلطة التنظيمية أو التنفيذية أو العكس ، وصدور قرار من شخص غير موظف فيما يتعلق بأعمال الوظيفة العامة في الظروف العادية ، وممارسة موظف اختصاصات موظف آخر استنادا لتفويض باطل، فمثل هذه القرارات تكون منعدمة وفي حكم العمل المادي ، من ثم لا ينطبق عليها صفة القرارات الإدارية ولا تقبل بشأنها دعوى الإلغاء.

رابعا : عيب مخالفة الشكل أو الإجراءات : يقصد به عدم اتباع الإدارة للأشكال أو الإجراءات التي حددتها الأنظمة أو اللوائح لإصدار القرار الإداري طبقا لها .

صور هذا العيب:

أ- مخالفة القواعد الشكلية أو الإجرائية الجوهرية يترتب عليها بطلان القرار الإداري فإذا تطلب النظام أخذ رأي جهة معينة قبل إصدار القرار أو ضرورة إجراء تحقيق قبل توقيع الجزاء أو أن اجتماع هيئة أو لجنة أو مجلس لا يكون صحيحا إلا إذا كان الحضور عددا معينا أو ضرورة حضور الرئيس أومن يحل محله …الخ ، ولم تراع هذه الإجراءات كان القرار باطلا ، على سبيل المثال يشترط نظام نزع الملكية للمنفعة العامة أن ينشر قرار نزع الملكية في الجريدة الرسمية وإحدى الجرائد اليومية فإذا لم يراعى هذا الشكل كان القرار باطلا ، أيضا يشترط نظام الخدمة المدنية ولوائحه أن يكون التفويض في الاختصاص مكتوبا ومحدد فيه اسم وصفة المفوض إليه والصلاحيات محل التفويض ومدته فإذا أغفل قرار التفويض هذا الشكل كان باطلا.

ب- مخالفة القواعد الشكلية غير الجوهرية (الثانوية) لا يترتب عليها بطلان .

 مثلا إذا حضر أعضاء لجنة أو مجلس اجتماع معين ولم يوقع على المحضر أحد الأعضاء ليس عن عمد بل نسيان فلا يبطل القرار الصادر في الاجتماع أو يبطل الاجتماع لعدم توقيع هذا العضو ويمكنه التوقيع بعد ذلك ، والفرق بين الشكل الجوهري وغير الجوهري يكمن في الحكمة من الشكل ، فإذا كان مقررا لمصلحة الأفراد وأثر عدم اتباع الشكل على مشروعية القرار كان الشكل جوهريا وإغفاله يبطل القرار ، وإذا كان الشكل مقررا لمصلحة الإدارة ولا يؤثر تخلفه على مشروعية القرار كان الشكل غير جوهري ولا يؤثر تخلفه على صحة القرار والقضاء الإداري له تقرير ذلك.







خامسا : عيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استعمال السلطة:

يقصد به استخدام رجل الإدارة لسلطاته لتحقيق غرض غير الذي وضعه المنظم ، ويرتبط هذا العيب بركن الغاية في القرار الإداري 

حالات هذا العيب:

1- استخدام السلطة لتحقيق أغراض تتنافى مع المصلحة العامة: وتظهر هذه الحالة في الصور الآتية :-أ- استخدام السلطة بقصد الانتقام الشخصي مثل:

توقيع جزاء على أحد المرؤوسين بدعوى الحرص على المصلحة العامة .

 أيضا إصدار الرئيس قرارا بنقل المرؤوس إلى منطقة نائية بدعوى أن المصلحة العامة تقتضي ذلك في حين أن الباعث الحقيقي في الحالتين هو الانتقام من المرؤوس وما المصلحة العامة إلا ستارا يخفي حقيقة الانتقام.

ب- استخدام السلطة لتحقيق نفع شخصي لمصدر القرار أو محاباة لغيره:

كصدور قرار بتأجيل البت في موضوع معين فترة زمنية طويلة بهدف الضغط على صاحب المصلحة لدفع رشوة أو تعيين أحد أقربائه في وظيفة معينة أو تأجير عقار له بمبلغ مالي ضئيل…الخ أيضا إذا أصدر رجل الإدارة قرار بالاستيلاء على عقار ليس بهدف المصلحة العامة وإنما بهدف إعادة بيعه بعد فترة في مزاد صوري ويحصل عليه لنفسه، في الحالتين السابقتين يكون القرار باطلا للانحراف بالسلطة عن المصلحة العامة.

2- استخدام السلطة لتحقيق أغراض تجانب مبدأ تخصيص الأهداف : هنا تتخذ الإدارة قرارا لحماية أغراض غير التي قصدها المنظم من منحها سلطة معينة وتظهر هذه الحالة في صورتين:

أ- أن يكون الغرض الذي يهدف إليه رجل الإدارة لا يدخل في اختصاصه لأن النظام لم يعهد إليه القيام به كأن يتخذ رجل الإدارة قراراً بفض نزاع على ملكية عقار بين شخصين من أفراد المجتمع فليس في حين إن هذا الإجراء ليس من سلطته وإنما من اختصاص السلطة القضائية طبقا للنظام.

ب- أن يستخدم رجل الإدارة وسائل غير تلك المحددة قانونا لتحقيق الهدف: كأن يصدر رجل الإدارة قرارا بالاستيلاء المؤقت على العقار بدلا من اللجوء إلى إصدار قرار بنزع الملكية تجنبا لطول إجراءات نزع الملكية رغم أنه اتخذ هذا الإجراء كتمهيد لنزع الملكية بعد ذلك ، بعد بيان عيوب القرار الإداري السابقة نود الإشارة إلى أن توافر أحدها يجيز للشخص المتضرر رفع دعوى الإلغاء أمام ديوان المظالم بعد استيفاء القواعد والإجراءات الواجب إتباعها عند رفع هذه الدعوى والمشار إليها في نهاية المقرر فإذا تحققت شروط الدعوى يكون لديوان المظالم إلغاء القرار المطعون فيه إذا تخلف أحد أركانه أو رفض الدعوى إذا كانت أركان القرار متوافرة وإذا تخلفت بعض شروط الدعوى يقضي الديوان بعدم قبولها.

الفرع الثالث

نفاذ القرار الإداري ونهايته وسحبه

أولا : نفاذ القرار الإداري : بعدما يستكمل القرار الإداري أركانه : السبب ، الاختصاص ، الشكل ، المحل ، الغاية  ، يثار التساؤل عن الوقت الذي يصبح فيه القرار نافذاً في حق الإدارة والأفراد ؟، والإجابة على هذا التساؤل تتلخص في أن القرار الإداري يكون نافذاً في حق الإدارة من تاريخ إصداره إلا إذا علق على شرط كوجود اعتماد مالي أو غيره ولكن هذا التاريخ يكون هاما حيث يعول عليه في تحديد أقدمية ما يترتب عليه من حقوق ، ويفيد هذا التاريخ أيضاً في تقدير مشروعية القرار من حيث الاختصاص الزمني … الخ

 أما بالنسبة للأفراد فلا يسري القرار في حقهم إلا بدءا من تاريخ علمهم به بأي وسيلة من الوسائل المقررة نظاماً فقد ينص النظام على طرق معينة للنشر كلوحات المصالح الحكومية أو بعض الأماكن العامة أو الجريدة الرسمية أو إحدى الجرائد اليومية مثل قرار نزع الملكية للمنفعة العامة الذي يجب نشره في الجريدتين الأخيرتين…..الخ ، ويعتبر الإعلان وسيلة العلم بالنسبة للقرارات الفردية أما النشر في الجريدة الرسمية فيعتبر وسيلة العمل بالنسبة للقرارات التنظيمية ( اللوائح ) نظراً لصعوبة حصر الخاضعين لها لأنها عامة ولا تخص فردا محددا بالاسم (1) ، أيضا يعتبر النشر في الجريدة الرسمية وسيلة العلم بالنسبة للقرارات التي يتطلب النظام ضرورة نشرها في هذه الجريدة.

ثانيا : نهاية القرار الإداري:  ينتهي القرار الإداري إذا توافر أحد أسباب زواله وأهمها :

1- انتهاء الأجل : فإذا حدد لسريان القرار أجل معين فمن الطبيعي أن تنتهي فعالية هذا القرار بانتهاء الأجل المحدد له ، وهذه الحالة لا تثير إشكالاً .

2- إلغاء القرار: قد يكون الإلغاء قضائيا أي بحكم من القضاء الإداري بناءً على دعوى لعيب شاب القرار وصدر الحكم بإلغائه ، أو يكون الإلغاء بقوة القانون إذا ألغى النظام الذي استند إليه القرار التنظيمي (اللائحة) فيترتب على إلغاء النظام أن يلحق به هذا القرار أو يكون الإلغاء عن طريق السلطة الإدارية ويسمى الإلغاء الإداري ويقصد به إنهاء آثار القرار فيما يتعلق بالمستقبل فحسب وذلك بدءاً من تاريخ الإلغاء أما آثار القرار بالنسبة للماضي فتظل قائمة ، والإلغاء الإداري قد يكون للقرار كله وقد ينصرف إلى جزء من القرار ، وإلغاء القرار التنظيمي ( اللائحة ) أمر جوازي للإدارة(1)، أما إذا تولدت عنه حقوق فلا يجوز للإدارة إلغاؤه إلا في الحالات التي يقررها النظام

ثالثا: سحب القرار الإداري : يقصد بسحب القرار إزالته بالنسبة للماضي والمستقبل بمعنى إنهاء جميع الآثار المترتبة على القرار من تاريخ صدوره ، بحيث يعتبر القرار الإداري معدوماً من يوم إصداره، ونظراً لخطورة أثر السحب فيتعين أن يتوافر شرطان: -

الشرط الأول : أن يكون القرار محل السحب غير مشروع: هنا يكون السحب جزاءً لعدم المشروعية ، لأن القرارات الباطلة لا تستطيع كقاعدة عامة إنشاء الحقوق ونظرية السحب تجد تطبيقاتها الحقيقية في مجال القرارات الإدارية الفردية لأن القرارات اللائحية تملك الإدارة بالنسبة لها حرية الإلغاء لأنها كقاعدة لا تولد بذاتها حقاً لفرد معين ، ونظراً لأن واجب الإدارة هو تصحيح التصرفات والوقائع المخالفة للقانون فإن عليها سحب قراراتها الفردية المعيبة ما لم يكن قد مضى عليها مدة الطعن المقررة نظاماً لدعوى الإلغاء(1) .

الشرط الثاني : أن يتم سحب القرار خلال ميعاد معين: فالإدارة ليست لها الحرية المطلقة في سحب القرار في أي وقت وإنما حريتها مقيدة بالمدة المقررة للطعن في القرارات الإدارية بالإلغاء (وهي ستون يوما من تاريخ العلم بالقرار كما سيتبين في الباب الأخير المتعلق بديوان المظالم) .

 وسبب تحديد هذه المدة أنها شرط لقبول دعوى الطعن بالإلغاء وإلا تحصن القرار ضد الطعن أمام القضاء مما يجعله في حكم القرار المشروع ، ووضع هذا القيد على حرية الإدارة تتطلبه ضرورة التنسيق والتوفيق بين ما يتعين على الإدارة من وجوب إصلاح تصرفاتها المعيبة وبين ضرورة المحافظة على استقرار الأوضاع القانونية التي تترتب على القرار المعيب الذي انتهت مواعيد الطعن فيه (1) ، وتعتبر مدة الطعن بالإلغاء قيد على الإدارة لسحب القرار كقاعدة عامة ولكن هذه القاعدة ترد عليها بعض الاستثناءات تجيز سحب القرار دون التقيد بهذه المدة من هذه الاستثناءات :

1- حالة انعدام القرار الإداري : يجوز سحب القرارات المعدومة في كل وقت ، والقرار المعدوم هو الذي يخالف النظام بدرجة يتعذر معها اعتباره بمثابة تطبيق لنظام أو لائحة ،  وهذه الدرجة من جسامة المخالفة هي التي تفقده صفته كقرار إداري له أركان معينة مثل تعيين شخص على وظيفة لا وجود لها ، أو تعيينه رغم تخلف شروط التعيين أو نزع ملكية عقار بالمخالفة لشروط النظام .

2- حالة الغش أو التدليس : فالقرار الصادر لأحد الأفراد بناء على غش منه أو تدليس يجعل القرار باطلاً ويجيز سحبه في أي وقت مثل تقديم أوراق تعيين بها تزوير في السن أو المؤهل أو تتضمن مخالفة لأية شروط نظامية أخرى.



الطعن في القرارات الإدارية :

يحق لكل من له مصلحة أو أضر القرار الإداري بمركزه النظامي سواء كان فردا عاديا أو موظفا في مرفق حكومي أن يطعن في هذا القرار أمام ديوان المظالم بشرط أن يكون القرار معيبا بعيب افقده ركنا من أركانه، وهذه العيوب هي:

أ‌-    عدم الاختصاص.

ب‌-   عيب الشكل.

ت‌-   مخالفة النظم واللوائح أو الخطأ في تطبيقها أو تأويلها وتنصرف مخالفة القانون هنا إلى عيبي السبب والمحل.

ث‌-   عيب الغاية ( ويسمى عيب الانحراف بالسلطة أو إساءة استخدام السلطة أو التعسف في استخدام السلطة) ، كما سبق تناوله بالتفصيل عند دراسة القرار الإداري .ويستوي أمام هذه الدعاوى القرارات الإيجابية أو السلبية ( امتناع   الإدارة عن الرد أو اتخاذ الإجراء كان من الواجب عليها القيام به).

شروط قبول الطعن في القرار:

أ- أن يكون القرار إداريا : فلا يقبل الطعن في الأنظمة والأحكام القضائية وإنما يجب أن يكون القرار صادرا عن سلطة إدارية سواء كانت سلطة مركزية أو فروعها(1) كالوزير أو نائبه أو وكيل الوزارة أو المدير العام …الخ أو كانت سلطة لامركزية كأمير المنطقة أو نائبه أو رئيس البلدية أو المجمع القروي أو مدير المؤسسة العامة .

ت‌-   أن يكون قرارا نهائيا : أي معتمد بصفة نهائية من صاحب الصلاحية ولا يحتاج إلى موافقة أو تصديق من سلطة أعلى يتوقف عليه صيرورته نهائيا.

جـ- أن يكون القرار مؤثرا : فيشترط أن يكون من شأن القرار إنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إلغاؤه أي أن يكون قد أثر في المركز القانوني لرافع الدعوى ، لذلك لا تقبل الدعوى إذا كان محل الطعن : الآراء الاستشارية والمقترحات ، والتعليمات المصلحية أو الأوامر التي تعد مجرد تطبيق أو توضيح للأنظمة والقرارات ، أيضا لا يقبل الطعن في التحقيقات الإدارية ( لأن محل الطعن يجب أن يكون قرار الجزاء وليس التحقيق الذي تم بصدده ).

د- أن يصدر من سلطة وطنية : فإذا كان مصدر القرار سلطة أجنبية فلا يقبل الطعن فيه بالإلغاء أمام القضاء الوطني لأنه يخرج عن إطار سيادة الدولة .ولكن إذا صدر القرار من سفير المملكة في الخارج فإنه يخضع لرقابة الديوان لأنه خاضع للسيادة الوطنية.





ثالثا : دعاوى التعويض :

يختص ديوان المظالم بالفصل في دعاوى التعويض التي يرفعها كل متضرر من أعمال المرافق العامة سواء كانت :

أ‌-قرارات إدارية باطلة ( أي معيبة بأحد عيوب القرار الإداري السابق بيانها ) .

ب‌-   أعمالا مادية تلحق ضررا بالمواطنين كأعمال الحفر وشق الطرق التي تلحق ضررا بالمباني ، وحوادث السيارات وأية صورة من صور الاعتداء المادي على حريات الأفراد وأموالهم ويشترط للمسؤولية عن الأعمال المادية أن يكون الخطأ مرفقيا وليس شخصيا، وسواء كانت المسؤولية تقصيرية أو قائمة على أساس تحمل المخاطر والتبعة فإن الإدارة تلتزم بالتعويض عنها .

صور المسؤولية :

 المسؤولية التقصيرية ، ومسؤولية المخاطر .

* المسؤولية التقصيرية : تسأل الإدارة عن الخطأ طبقا لهذه المسؤولية عند توافر ثلاث أركان هي : الخطأ ، والضرر ، وعلاقة السببية بين الخطأ والضرر(1) .

1- ركن الخطأ :

يجب لمساءلة الإدارة عن وجه تقصير معين أن يكون هناك خطأ مرفقي قد صدر وسبب ضرراً للغير.لذا يجب التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخص.

الخطأ الشخصي:

 هو الذي ينسب إلى الموظف ويكون الطابع البشري فيه غالبا لا المصلحة العامة فيسأل عنه الموظف فقط .

الخطأ المرفقي:

هو الذي ينسب للمرفق العام ويسأل عنه نتيجة أعمال تابعيه من الموظفين العموميين .

معيار التفرقة بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي(1) :

تردد القضاء و الشراح بين عدة معايير لتحديد المعيار الأصلح للتمييز بين صورتي الخطأ كي يلزم الموظف بالتعويض إذا كان الخطأ شخصيا ، وتلزم الإدارة بالتعويض إذا كان الخطأ مرفقيا ، كما يتبين مما يلي :

أ- معيار الطابع الشخصي :

وطبقا له يكون الخطأ شخصيا إذا كان متسما بالطابع الشخصي الذي يكشف عن ضعف الإنسان ونزواته كالضرب والقتل والتدليس ، والغش ،  ويعتبر الخطأ مرفقيا إذا ثبت أن قيام الموظف بالعمل كان لتحقيق أهداف العمل دون عمد من جانبه ، ويؤخذ على هذا المعيار أنه يعتمد على البحث في نية الموظف وهو أمر يصعب اكتشافه بسهولة .

ب- معيار جسامة الخطأ :

 إذا كان الخطأ جسيما بدرجة تخرج عن المألوف أو كان بسوء نية كما لو شكل جريمة عمدية فإن الخطأ يكون شخصيا طبقا لهذا المعيار، مثل القرار بهدم منزل غير آيل للسقوط أو الاستيلاء على عقار مملوك لأحد الأفراد دون سند من القانون ، أما إذا كان الخطأ عاديا مما يتعرض له الموظف في أدائه المعتاد لعمله فيكون خطأ مرفقيا ويسأل عنه المرفق العام.

جـ- معيار الهدف من التصرف :

 فيكون الخطأ طبقا لهذا المعيار شخصيا إذا كان الموظف يهدف بأدائه لعمله تحقيق أغراضه الشخصية ، ويعتبر الخطأ مرفقيا إذا كان أداؤه لعمله يهدف إلى تحقيق المصلحة العامة ، فمثلا: إذا منح الموظف رخصة لمحل يمارس نشاطا خطرا أو مقلقا للراحة في منطقة سكنية بهدف الحصول على رشوة فإن الخطأ يكون شخصيا ، أما إذا منح هذه الرخصة معتقدا حقيقة أنه ييسر تقديم الخدمة لأبناء المنطقة فإن الخطأ يكون مرفقيا

د- معيار طبيعة الالتزام :

فإذا كان الالتزام يرتبط بالعمل الوظيفي ويقع عبؤه على الموظف فإن الخطأ الذي ينجم عن القيام بهذا الالتزام يكون مرفقيا ، وإذا كان الالتزام يقع عبؤه على جميع أفراد المجتمع وقيام الموظف بهذا الالتزام شأنه شأن أفراد المجتمع ولا يعد عبئا وظيفيا فإن الخطأ الناشئ عن القيام بهذا الالتزام يكون شخصيا .

هـ- معيار الفصل بين العمل والوظيفة :

 فإذا كان عمل الموظف يمكن فصله عن الوظيفة فإن الخطأ يكون شخصيا وإذا لم يتسنى فصله عن الوظيفة كان الخطأ في أدائه مرفقيا(1) .

و- معيار مشروعية الهدف:

 فإذا كان هدف الموظف من أدائه لعمله من الأهداف المشروعة للمرفق وأخطأ الموظف في تحقيقه كان الخطأ مرفقيا ، وإذا كان الهدف ليس كذلك بل يهدف إلى تحقيق أغراض شخصية كان الخطأ شخصيا .

أي المعايير السابقة أولى بالتطبيق :نظرا لعدم الاستقرار على معيار معين في التطبيق وتداخل الكثير من هذه المعايير فلاشك أن القاضي هو الذي يحدد في النزاع المعروض عليه أي هذه المعايير أولى بالتطبيق .

صور الخطأ المرفقي :

يقصد بالخطأ المرفقي ـ كما سبق ـ أنه ذلك الخطأ الذي تسبب المرفق في إحداثه عن طريق مباشرة النشاط المرفقي بواسطة منسوبيه ، ويظهر هذا الخطأ في عدة صور أهمها:

أ- عدم قيام المرفق بالخدمة :

ومن أمثلة هذه الصورة :

      امتناع جهة الإدارة عن تنفيذ حكم قضائي .

      رفض أحد المستشفيات العامة إنقاذ شخص في حالة خطرة دون عذر .

      امتناع مدرسة عن قبول تلميذ تتوافر فيه الشروط دون مبرر.

      رفض جهة الإدارة القبض على شخص مجنون أو عصابة تقطع الطريق رغم إبلاغها مرارا بذلك .

      رفض منح رخصة محل تجاري أو سيارة أو قيادة لشخص رغم توافر الشروط .

ب ـ سوء قيام المرفق بالخدمة الذي من شأنه إلحاق ضرر بالغير :

 ومن أمثلة هذه الصورة :

      القبض على شخص وإيداعه السجن فترة زمنية دون اتباع الإجراءات النظامية .

      إصابة شخص بريء عند مطاردة أحد المجرمين دون مراعاة الاحتياطيات اللازمة .

      فصل موظف دون مبرر نظامي .

      إهمال الدورية أثناء قيامها بمراقبة الحركة المرورية ووقوع الحوادث بسبب هذا الإهمال الذي دفع السائقين إلى عدم التقيد بقواعد المرور.

جـ- تأخر المرفق في القيام بالخدمة :

 وتنصرف هذه الصورة إلى تأخر المرفق في تقديم الخدمة دون عذر ، ومن أمثلة هذه الصورة :

      التأخر في صرف الرواتب أو المعاشات .

      التأخر في إصدار قرار نجم عنه إلحاق الضرر بالأفراد .

      التأخر في إجراء عملية جراحية أو عدم صرف علاج موجود  مما أدى إلى تدهور حالة المريض ….الخ.

أثر ثبوت الخطأ :

1.   إذا كان الخطأ شخصيا التزم الموظف بكامل التعويض .

2.   إذا كان الخطأ مرفقيا التزمت الإدارة بالتعويض .

3.   إذا كان الخطأ مشتركا بين الموظف والمرفق تحمل كل منهما التعويض بنسبة اشتراكه في الخطأ .

4. إذا قام المرفق بالسداد عن الموظف فإنه يعود عليه بما دفعه إذا كان هناك خطأ شخصيا من جانب الموظف (1) .

2- ركن الضرر :

 لكي تلزم الإدارة العامة بالتعويض يجب أن يكون هناك ضرر أصاب المدعي ، والضرر قد يكون ماديا يصيب الشخص في جسمه أو ماله وقد يكون أدبيا يصيب الشخص في شرفه واعتباره كالسب والقذف وإيذاء السمعة(2) ، ولكي يتم التعويض عن الضرر يشترط فيه :أن يكون مباشرا ومؤكدا وشخصيا وخاصا ويكون قد أخل بمركز يتمتع بحماية القانون.

3- علاقة السببية بين الخطأ والضرر :

 يجب أن يكون الضرر الذي أصاب الشخص قد نجم عن الخطأ المرفقي الذي صدر عن الإدارة أي تربطه علاقة السببية بالخطأ لكي تلتزم الإدارة بالتعويض ، فإذا قامت جهة الإدارة بأعمال الحفر بجوار المنازل لمد توصيلات الماء أو الكهرباء أو الصرف الصحي  أو لتشييد مبنى لمرفق عام أو لوضع أساسات كباري علوية وسقط منزل مملوك لأحد الأفراد في أثناء أو بعد الحفر ، فهنا ينظر إلى ما إذا كان سقوط المنزل قد تم بسبب أعمال الحفر ولولاها ما سقط ، فتلزم الإدارة بالتعويض ، أو أن المنزل كان آيلا للسقوط بطبيعته وكان سقوطه سيتم آجلا أو عاجلا سواء تم الحفر أو لم يتم فإن جهة الإدارة لا تسأل عن التعويض ، ففي الحالة الأولى توافرت علاقة السببية أما في الحالة الثانية فقد انتفت هذه العلاقة.

·       المسؤولية على أساس المخاطر:

 طبقا لها تسأل الإدارة عن الضرر الذي لحق بالغير حتى ولو لم يكن هناك خطأ من جانب الإدارة طالما ثبت أن الضرر لحق بالشخص نتيجة أعمالها المشروعة 

فإذا قامت جهة الإدارة بمطاردة عصابة من المتمردين أو المخلين بأمن الدولة وأطلقت النار عليهم طبقا للنظام وبعد مراعاة كافة الاحتياطات ، ورغم أن هذا العمل الإداري مشروعا في وسائله وغاياته إلا أنه ترتب على القيام به إلحاق ضرر بأشخاص وأموال الغير فهنا تلتزم الإدارة بالتعويض ليس على أساس الخطأ وإنما على أساس تحمل الدولة للمخاطر التي تصيب الأفراد من جراء السعي لتحقيق المنفعة العامة ، وتقوم هذه المسؤولية على أساس نظرية المنفعة( الغرم بالغنم )، وعلى أساس المساواة بين الأفراد أمام التكاليف والأعباء العامة ، وتجد هذه المسؤولية مجالات عديدة في تطبيقها مثل الأشغال العامة التي يترتب عليها إلحاق إضرار بالأشخاص والأموال:كشق الطرق وحفر الأنفاق وحفر الآبار وإقامة المنشآت العامة وقيام الإدارة بالأنشطة الخطرة كنقل المواد الكيميائية الخطرة أو النفايات السامة واستخدام الآلات الكهربائية والأجسام والمواد القابلة للانفجار أثناء التدريبات وغيرها(1).

* أركان مسؤولية المخاطر : الضرر وعلاقة السببية بين العمل المشروع والضرر الذي أصاب الشخص ، وتتميز عن المسؤولية التقصيرية في أن التعويض عنها يتم دون وقوع خطأ وإنما يكفي إثبات وقوع الضرر وقيام العلاقة بين العمل الإداري والضرر الخاص ، أما المسؤولية التقصيرية فلابد من توافر ركن الخطأ بجانب الضرر وعلاقته السببية كي يتسنى التعويض.

* أنواع التعويض : إذا توافرت أركان المسؤولية التقصيرية أو تحمل التبعة حكم القضاء على الإدارة بالتعويض الذي قد يكون :

     ماديا في صورة مبلغ نقدي تلزم الإدارة بدفعه للمضرور أو ورثته .

     أو بالرد (كرد عقار صدر قرار خاطئ بنزع ملكيته) .

     أو بالطرد (كطرد أشخاص تم إسكانهم في عقار خاص بناءً على قرار خاطئ ) .

     أو الحكم على الإدارة بالغرامة المالية لإرغامها على الوفاء بالتزاماتها .

رابعا : الدعاوى التأديبية: يختص ديوان المظالم بالفصل في الدعاوى التأديبية التي ترفع من هيئة الرقابة والتحقيق ولقد سبق تناول الأحكام النظامية لتأديب الموظفين واختصاصات هيئة الرقابة والتحقيق في موضعهما من هذا الكتاب .

ولقد سبق أيضا تعريف الجريمة التأديبية بأنها : كل عمل أو امتناع عن عمل يصدر عن الموظف خروجا منه على مقتضيات الواجب الوظيفي ، وتبين الأنظمة أهم الواجبات الوظيفية حيث يصعب حصرها أما العقوبات التأديبية فتتناولها الأنظمة على سبيل الحصر حماية لحقوق الموظفين من تعسف رؤسائهم في استخدام السلطة التقديرية وقيامهم بتوقيع عقوبات قاسية دون سند نظامي.

أركان الجريمة التأديبية :

1- الركن المادي : ويتمثل في العمل الصادر من الموظف سواء كان قولا كسبه أحد زملائه ، أو فعلا كالاعتداء على رئيسه أو زميله بالضرب أو قيامه باختلاس مال عام ، أو الامتناع عن العمل كالامتناع عن تنفيذ أمر الرئيس، أو الامتناع عن أداء الواجبات الوظيفية ، والجريمة التأديبية قد تكون مالية أو غير مالية كما سبق بيانه .

2- الركن المعنوي : هو إرادة الفعل عن سوء نية أو تقصير ولا يمنع مسؤولية الموظف خطأه في فهم القانون أو الوقائع أو أن الأعمال المسندة إليه كثيرة (فهي وإن كان من الممكن أن تخفف عنه العقاب إلا أنها لا تمنعه) أو أنه يجهل اللوائح والتعليمات ، أو أن العمل قد جرى على مخالفة بعض الأنظمة واللوائح ، فمثل هذه الأعذار لا تحول دون مساءلته وتوقيع العقاب عليه ، إلا إذا توافرت في حقه موانع مسؤولية تحول دون مساءلته مثل المرض ، والقوة القاهرة ، والإكراه المادي أو الأدبي ، والحادث المفاجئ ، وتنفيذ أمر من رئيس تجب طاعته بعد إصرار الرئيس على تنفيذ الأمر كتابه(1).

دور الديوان حيال الدعوى التأديبية : يقوم ديوان المظالم بعد إحالة الدعوى إليه من قبل هيئة الرقابة والتحقيق بالتأكد أولا من استيفاء شروط الدعوى ثم يقوم بالتحقيق والمحاكمة كما سنرى عند بحث إجراءات الدعوى ، ويوقع العقوبات المنصوص عليها نظاما السابق توضيحها عند بيان أحكام تأديب الموظفين.




(1) قرار ديوان المظالم رقم 6/86 لعام 1401 في القضية رقم 497/1/ق لعام 1400هـ

(2) د. طعيمه الجرف ، المرجع السابق ص 392 : 400 ، د. سليمان الطماوي، المرجع السابق، ص 582 وما بعدها، د. أحمد بن باز ، المرجع السابق، ص 120 : 122 ، عبد الله راشد السنيدي،  الإدارة الحكومية في المملكة العربية السعودية، ط5 ، 1418هـ ، بدون الناشر، ص 98، 99.

(1) د. محمد كامل ليلة ، الرقابة الإدارية ،دار الفكر العربي، ص 8 وما بعدها، د. سليمان الطماوي، المرجع السابق ، ص 588 ، 596 ، د. طعيمه الجرف ، المرجع السابق ، ص 402 ، 406 ،د. محمد أنس قاسم ، الوسيط في القانون العام، القضاء الإداري دار النهضة العربية بالقاهرة 1987 ص 328 وما بعدها، د. ماجد راغب الحلو ، المرجع السابق ص 510: 519 .

(2) قرار ديوان المظالم رقم م/86 لعام 1400هـ في القضية رقم 535/1/ق لعام 1400هـ.

(1) قرار ديوان المظالم رقم 6/86 لعام 1401هـ في القضية رقم 497/1/ق لعام 1400هـ ، قراره رقم 7/ت لعام 1400هـ في القضية رقم 266/1/ق لعام 1399هـ

(1) المواد 119 ، 120 ، 14 من نظام خدمة الضباط.

(1) حول عيوب القرار الإداري: انظر د. سليمان الطماوي ، نظرية التعسف في استعمال السلطة، الانحراف بالسلطة، مطبعة جامعة عين شمس ، جـ3، 1978/ ، ص 53 وما بعدها، د. محمد أنس قاسم جعفر ، الوسيط في القانون العام ، المرجع السابق، ص 386، وما بعدها، د. فهد بن محمد بن عبد العزيز الدغيثر، رقابة القضاء على قرارات الإدارة  "ولاية الإلغاء أمام ديوان المظالم" دار النهضة العربية ، بدون سنة النشر، ص 222 وما بعدها د. سعيد عبد المنعم الحكيم ، الرقابة على أعمال الإدارة ، دار الفكر العربي ، 1976م ، ص 509 : 573 ، د. محمد كامل ليلة ، محاضرات في دعوى الإلغاء ، بدون الناشر وسنة النشر، ص 42 : 58.

(1) قرار ديوان المظالم رقم 11/86 لعام 1401هـ في القضية رقم 535/1/ق لعام 1400هـ.

(1) قرار الديوان رقم 25/86 لعام 1401هـ في القضية رقم 360/1/ق لعام 1401هـ.

(1) قرار ديوان المظالم رقم 1/د/جـ/1399هـ في القضية رقم 236/1/ق لعام 1399هـ.

(1) د . سليمان الطماوي ، المرجع السابق ، ص 606 وما بعدها . د. طعيمه الجرف ، المرجع السابق،  ص 406 ، 407 د. محمود حلمي د. فؤاد النادي ، المرجع السابق ، ص 265 ، د. ماجد راغب الحلو ، المرجع السابق ،ص 538 وما بعدها.

(1) نفس المراجع السابقة.

(1) د. طعيمه الجرف، المرجع السابق، ص 422، وما بعدها، د.سليمان الطماوي، المرجع السابق، ص 609: 614

(1) د. طعيمه الجرف ، المرجع السابق ، ص 426 ، وما بعدها .

الاكتر شيوعا

المشاركات الشائعة

المشاركات الشائعة