إعلان علوي

آخر الاخبار

كيفية احتساب مدة الطعن في قرار التنفيذ أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

كيفية احتساب مدة الطعن في قرار التنفيذ

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

قرر قانون المرافعات في المادة (501) أن مدة الطعن في القرارات الصادرة في المنازعات التنفيذية تحتسب من تاريخ صدور القرار، في حين ان صدور الحكم في المفهوم القانوني يعني طباعة القرار اوكتابته والتوقيع عليه وختمه ،فاستعمال هذا النص لمصطلح (تاريخ الصدور ) اوجد الخلط والالتباس في احتساب بداية ميعاد الطعن في القرار التنفيذي مع ان القرار التنفيذي تتم اجراءات صدوره وفقا لاجراءات القضاء المستعجل الذي يقرر ان بداية ميعاد الطعن في القرارات المستعجلة يكون من تاريخ النطق بها وليس من تاريخ صدورها بخلاف الحال بالنسبة للأحكام الصادرة في المنازعات الموضوعية التي حدد القانون ذاته بداية ميعاد الطعن فيها بلفظ محدد وهو استلام الطاعن للحكم، وكيفية احتساب بداية مدة الطعن في القرارات التنفيذية تثير إشكاليات واقعية كثيرة بحسب اطلاعنا على مجموعة كبيرة من الأحكام لاختيار ما تقتضي الحاجة التعليق عليه، وعلى هذا الأساس فقد وقع الاختيار على التعليق على الحكم الصادر من الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 7/3/2011م في الطعن المدني رقم (40910) لسنة 1430هـ وقد ورد في أسباب هذا الحكم (ومن حيث الموضوع فأن الدائرة بعد الرجوع إلى أوراق القضية فقد تبين لها أن الطعن وارد على الحكم الاستئنافي الذي قضى برفض دفع الطاعن بعدم قبول استئناف المطعون ضده حيث احتسبت المحكمة الاستئنافية بداية المدة المحددة للطعن من تاريخ استلام الطاعن في حين أن القضية تنفيذية فمدة الطعن في الحكم فيها هو 15 يوماً تحتسب بدايتها من تاريخ صدور الحكم وفقاً لأحكام المادة (501) مرافعات، ولذلك فان الدائر ة تقرر قبول الطعن شكلاً وموضوعاً ونقض الحكم الاستئنافي وتغريم المطعون ضده مائة الف ريال لصالح الطاعن) وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب ماهو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول : المقصود بصدور الحكم الموضوعي:

لغرض بيان المقصود بتاريخ صدور القرار التنفيذي ومعرفة معنى مصطلح صدور القرار التنفيذي فأنه من اللازم الاشارة بإيجاز إلى احتساب ميعاد الطعن في الحكم الموضوعي بمافي المقصود بالنطق بالحكم والاثر المترتب عليه بالنسبة للطعن، فالنطق بالحكم كما يعرفه شراح قانون المرافعات هو : تلاوة الحكم بصوت عال في الجلسة، فالنطق بالحكم يكون بمثابة اشهار واعلان حكم كان قد تم افراغه من ذهن القاضي الى المسودة التي تم النطق بموجبها، وبمجرد النطق بالحكم تترتب الاثار القانونية المعروفة للأحكام بما في ذلك الطعن بالحكم ابتداءً من هذا التاريخ مثلما كان يقرر قانون المرافعات اليمني القديم ومثلما هو سائد في الأحكام الجزائية في اليمن التي حدد قانون الإجراءات الجزائية ان تاريخ الطعن فيها يبدأ من تاريخ النطق بها، إلا أن قانون المرافعات اليمني النافذ عدل عن احتساب بداية تاريخ الطعن من تاريخ النطق إلى تاريخ استلام الطاعن للحكم فكان هذا التعديل استجابة لظاهرة منتشرة في اليمن تشكل سبباً من اسباب إطالة إجراءات التقاضي وهي إطالة فترة تحرير وطباعة وصدور الأحكام بعد النطق بها والتي قد تمتد في بعض الحالات إلى سنوات، مع أن القانون قد حدد لتحريرها واصدارها مدة معينة اقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ النطق بالحكم حسبما ورد في المادة (228) مرافعات، إلا أن هذه المدة لا يتم احترامها مع انه من الواجب العمل بمقتضاها حسب صيغة المادة (228) مرافعات التي تفيد الوجوب ( يجب على المحكمة تحرير نسخة الحكم ...الخ).

الوجه الثاني : المقصود بتحرير الحكم الموضوعي وصدوره وتاريخ صدوره

سبق القول ان القانون قرر ان بداية ميعاد الطعن في القرار التنفيذي هو تاريخ صدور القرار وذكرنا ان مصطلح الصدور غير مناسب بالنسبة للقرارات التنفيذية، ولبيان ذلك فان الامر يقتضي الاشارة الى المقصود باجراءات تحرير وصدور الاحكام عامة، فتحرير الحكم هو طباعة الحكم أو كتابته بحيث يتضمن الحكم البيانات المحددة في القانون ثم التوقيع على الحكم وتسليم اطرافه نسخاً منها أو اعلانهم بها، ومن خلال مطالعة الفصل الثاني من الباب الثامن في قانون المرافعات المواد (222 وحتى 232) نجد ان القانون يستعمل مصطلح (صدور الحك،م) وان النطق بالحكم بندرج ضمن لجراءات صدور الحكم مثلما هو محدد في المادة (219) مرافعات التي نصت (او كانت الخصومة صالحة للفصل فيها وجب على المحكمة اصدار الحكم دون تأخير) وكذا المادة (226) التي تنص على أن (تصدر الأحكام بأغلبية الاراء)، اما المادة (228) مرافعات فقد بينت المقصود بإصدار الأحكام وكيفيته وإجراءاته على النحو السابق بيانه،

الوجه الثالث : إحتساب الطعن في القرارات التنفيذية :

نظمت هذه المسألة المادة (501) مرافعات التي نصت على أن (للخصوم الطعن في الأحكام الصادرة في منازعات التنفيذ الموضوعية والوقتية أمام الاستئناف خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدور الحكم في المنازعة وعلى محكمة الاستئناف الفصل في الطعن خلال عشرة أيام من تاريخ رفعه اليها ويعتبر حكمها غير قابل للنقض) ومن خلال المقارنة بين هذا النص المنظم لاحتساب مدة الطعن في القرارات التنفيذية وتاريخ بدايتها والنصوص السابق ذكرها الناظمة لصدور الحكم الموضوعي نجد أن هذه النصوص مجتمعة قد اشارت إلى إجراءات الاصدار، لان قاضي التنفيذ يفصل في الاشكال الوقتي بصفته قاضياً للأمور المستعجلة، ولذلك فان سلطته تكون هي ذات السلطة المخولة للقاضي المستعجل (التنفيذ الجبري، د. فايز أحمد عبد الرحمن ص692) لان منازعات أو إشكالات التنفيذ وقتية فالحكم الصادر في الإشكال بإعتباره من الاحكام الوقتية يحوز حجية مؤقتة ترتبط ببقاء الظروف التي صدر فيها القرار التنفيذ، لما ان الصدور بمفهومه العام يشمل النطق بالحكم والإجراءات التالية للنطق مثل كتابة او طباعة الحكم والتوقيع عليه ووضع الختم عليه وهذا هو مفهوم صدور القرار التنفيذي حسبما سبق بيانه عند الاشارة إلى مفهوم صدور الحكم الموضوعي الذي يعني استكمال طباعة أو كتابة القرار والتوقيع عليه، الا ان لمصلح صدور الحكم مفهوم خاص بالنسبة لميعاد الطعن في القرار التنفيذي حيث يصدر القرار التنفيذي بصفة مستعجلة، وفي هذا المعنى نصت المادة (243) مرافعات على أن يصدر الحكم في المسائل المستعجلة من المحكمة المختصة أو ممن تم تكليفه لنظرها من القضاة خلال 24 ساعة من التاريخ المحدد للحضور في مواجهة المدعى عليه أو المنصوب عنه ويكون الحكم واجب التنفيذ فور صدوره من واقع مسودته) وتأتي المادة (244) مرافعات لتبين أن المقصود بصدور الحكم هو (النطق بالحكم) وليس التوقيع عليه وختمه حيث نصت المادة (244) على أنه (اذا صدر الحكم في المسائل المستعجلة من المحكمة الابتدائية أو من القاضي المختص جاز الطعن فيه بالاستئناف مباشرة خلال ثمانية أيام تبدأ من تاريخ النطق بالحكم وتفصل المحكمة الاستئنافية خلال ثمانية أيام على الاكثر ولا يكون للاستئناف اثر موقف للتنفيذ) وبحسب ما ورد في هذا النص فان المقصود بصدور الحكم المستعجل أو الحكم في المنازعة التنفيذية هو تاريخ النطق بالحكم وليس تاريخ صدور الحكم او التوقيع والختم على الحكم ، وهذا ما أوضحته المحكمة العليا في الحكم محل تعليقنا، وفي ضوء ماتقدم فان الخلاصة أن احتساب مدة الطعن في القرار التنفيذي وهي 15 يوماً تبدأ من تاريخ النطق بالقرار وليس من تاريخ صدوره حسبما ورد في المادة (501)،والله اعلم.

 

ليست هناك تعليقات

فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا