الحكم بإنهاء الخصومة للتنازل
الحكم بإنهاء الخصومة للتنازل
أ.د/ عبدالمؤمن
شجاع الدين
الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء
إجراءات المحكمة لإنهاء الخصومة لتنازل الخصم تثير بعض الإشكاليات التي
اشار اليها الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة
بتاريخ 2/3/2013م في الطعن رقم (46591)، الذي قضى بانه ((من حيث الموضوع فان
الدائرة بعد دراستها للأوراق وجدت ان النزاع بين الطرفين قد طال امده منذ عام
1993م بما لا ثمرة فيه ولا جدوى منه حيث تم رفع الدعوى من المطعون ضدهم في العام
المشار اليه وفي العام ذاته حصل التنازل من قبلهم وأصدر القاضي قراره بتاريخ
16/11/1993م الذي قضى منطوقه بإنهاء القضية بالتنازل المحرر بتاريخ 2/11/1993م وذكر في المنطوق أنه يجوز للمدعى عليه الاستمرار بالعمارة في الأرض
المدعى بها و تضمن المنطوق ايضا ان الحكم خاضع للاستئناف
حسبما ورد في منطوق ذلك القرار،والدائرة تجد ان القاضي في هذا القرار قد وقع في اخطاء
عدة منها انه قرر إنهاء النزاع للتنازل بقرار وذلك غير سديد لان القضية التي تنتهي
بالتنازل لا تحتاج إلى قرار بل يتم إثبات ذلك بمحضر يذكر فيه التنازل والأمر بحفظ
الأوراق)، وقد تم نشر هذا الحكم في العدد التاسع عشر من القواعد القانونية
والمبادئ المدنية الصادر عن المحكمة العليا، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسب
ماهو مبين في الأوجه الأتية:
الوجه الأول: الفرق بين الدعوى والخصومة والتنازل عن الدعوى:
الدعوى حق خاص بالمدعي وتظل كذلك حتى تتصل بها المحكمة وتعقد لها جلسة لنظرها ويرد الخصم عليها أو يدفعها، فعندئذ تنعقد
الخصومة، وإلى ماقبل إنعقاد الخصومة يحق للمدعي ان يتنازل عن دعواه طالما انها لم تتحول الى خصومة، ولايحتاج ذلك إلى إصدار قرار او امر بشان التنازل عن الدعوى لأن هيئة الحكم لم تتصل بالدعوى بعد فلم يتم قيدها في جدول جلسات المحكمة ولم تنظرها هيئة الحكم
في أي من جلساتها، فالدعوى في هذه المرحلة لم تتحول بعد إلى خصومة.
الوجه الثاني: إجراءات التنازل عن الخصومة:
إذا تحولت الدعوى إلى خصومة وسارت هيئة الحكم في إجراءات نظرها ، فإذا قرر المدعي في أثناء هذه المرحلة التنازل فيجوز له ذلك ،بيد أن إجراءات التنازل في هذه المرحلة تختلف تماما عن الفترة
السابقة لإنعقاد الخصومة،حيث حددت المادة (210) مرافعات طرق وإجراءات التنازل عن الخصومة، ومن ذلك (1-- ان يعلن الخصم المتنازل خصمه -2-ان يقرر المتنازل ذلك في الجلسة في مواجهة خصمه ويثبت ذلك في محضرها-3-ان يبدي التنازل في بيان صريحا في مذكرة موقعة...الخ) لان الدعوى بعد
ان تتحول إلى خصومة تتعلق بها مراكز قانونية لغير المدعي، وتبعاً لذلك أوجبت المادة (210) مرافعات على المدعي ان يقوم بإعلان خصمه بالتنازل قبل الجلسة وان يعلن ذلك صراحة في الجلسة وان يقدم مذكرة مكتوبة تتضمن التنازل وان يتم إثبات ذلك
في محضر الجلسة.
الوجه الثالث: الإجراء الواجب قانوناً على المحكمة إتخاذه حيال التنازل
عن الخصومة:
بينت ذلك المادة (212) مرافعات التي نصت على انه (يعتبر التنازل عن الحق
المدعى به كاملاً تنازلاً عن الحق في الدعوى والخصومة ويجب إثبات ذلك في محضر
الجلسة وتقريره بحكم غير قابل للطعن مطلقاً) وبناءً على هذا النص فان المحكمة تقوم
بإثبات تنازل المدعي في محضر الجلسة وتكلف الخصم المتنازل بالتوقيع على المحضر، ثم
تقوم المحكمة بإقرار هذا التنازل بحكم تتضمن الفقرة الاخيرة من منطوقه عدم قابليته للطعن (نظرية الأحكام، لأستاذنا المرحوم الدكتور أحمد أبو
الوفاء، صـ52)،والله اعلم.
أضف تعليق