اخر الأخبار

أحدث المواضيع

شروط ممارسة حق الانتخاب


شروط ممارسة حق الانتخاب 
تنظم القواعد القانونية توافر الشروط في الناخب حتى يمارس عملية الانتخاب وتعمل هذه القواعد أيضاً على إبعاد مواطنين من ممارسة هذا الحق في ظل ظروف معينة ([1]), وقد انحصرت الشروط التي أوردها المشرع للتمتع بحق الانتخاب بشرط السن, والجنسية فقط, بينما توسع المشرع في شروط المرشح مع أخذ الاعتبار باختلاف المنصب الذي يترشح له المواطن([2]) .
ولما سبق سأتناول في هذا المطلب الشروط التي يجب توافرها في الناخب لممارسة حق الانتخاب, والشروط الواجب توافرها في المرشح للدخول في عملية المنافسة للفوز بالانتخابات على اختلاف مراحلها وذلك على النحو التالي:
 الشروط الواجب توافرها في الناخب.


الشروط الواجب توافرها في الناخب
اشترط المشرع الدستوري في الناخب شرطان هما الجنسية والسن, وشرط شكلي هو القيد في جدول الناخبين, ومن ضمن تلك الشروط ما أورده في نص المادة (64) الفقرة (1) على أن:" يشترط في الناخب الشرطان الآتيان:
أ - أن يكـون يمنيـــاَ.
ب- أن لا يقل سنه عن ثمانيـة عشر عامــاً " وعلى غرار ذلك سار المشرع القانوني الذي اشترط في الناخب شرطان الجنسية والسن حتى يشارك في العملية الانتخابية ([3]).
وقد بين الدستور بأحقية المواطن في المشاركة بالسلطة عن طريق الانتخاب وبين الشروط الواجب توافرها في المواطن اليمني حتى يتسنى له مباشرة حق الانتخاب, وهي شروط موضوعية تتعلق بالجنسية, والسن وشرط شكلي يتعلق بالقيد في جدول الناخبين([4]), وسأتناول تلك الشروط وفقاً للآتي:
أ- شرط الجنسية:
يعتبر شرط الجنسية بالمرتبة الأولى لممارسة الناخب حق الانتخاب, ومن البديهي أن لا يعطى الأجنبي حق المشاركة في الانتخاب لأنه لا يحمل جنسية الجمهورية اليمنية, ومن الطبيعي أن يحصر حق الانتخاب بالمواطنين دون الأجانب المقيمين في البلد, وعليه اشترط القانون في الناخب أن يكون يمنياً([5]).
أما بالنسبة لأحقية المتجنس لممارسة حق الانتخاب فقد اشترط القانون مرور مدة على إكتسابه للجنسية, وأن هذه المدة تسمى فترة الريبة, وقد تلجأ بعض الدول إلى التمييز بين صاحب الجنسية الأصلية وصاحب الجنسية المكتسبة, فلا تعترف لهذا الأخير إلا بممارسة حق الانتخاب بعد مضي فترة معينة تتأكد فيها من ولائه لها([6]).
وهذا ما أكده قانون الانتخابات في المادة (3) على أن" : يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن بلغ من العمر ثماني عشر سنة شمسية كاملة، ويستثنى من ذلك المتجنس الذي لم يمض على كسبه لجنسية الجمهورية اليمنية المدة المحددة قانوناً " وهي خمس عشرة سنة"([7]).
وقد جاء في رأي  بعض الفقهاء بأن يفرق المشرع في الفترة الزمنية للمتجنس بين مباشرة حق التصويت, وقصر المدة إلى خمس سنوات, وحق الترشيح وتولي المناصب المهمة بالمدة المقررة في القانون, وهي خمس عشرة سنة لما لحق الترشيح من أهمية تفوق حق التصويت بكثير, ثم إن المتجنس قد لا يؤثر في هيئة الناخبين عندما يمارس حق التصويت فقط, أما إذا وصل إلى البرلمان كنائب فإنه بالتأكيد ستكون له صلاحيات كبيرة من الممكن استخدامها لأغراض تمس السيادة الوطنية ([8]).
ب- السن:
يشترط في الناخب سنٌّ معينٌ لمباشرة حقه الانتخابي, ويختلف هذا الشرط باختلاف الدولة, وذلك لضمان توافر النضج والخبرة في الناخب([9]), وحدد المشرع الدستوري شرط السن القانونية للناخب وهي" ثمانية عشر عاماً "([10]), وأكد ذلك المشرع القانوني في قانون الانتخابات على ذات الشروط الواجب توافرها في المواطن حتى يتسنىّ له مشاركته في الانتخاب, "أن يكون قد بلغ من العمر ثماني عشرة سنة شمسية كاملة" ([11]), وهو السن الدستوري والقانوني للانتخابÞ.
 وهذا على خلاف سن الرشد في القانون المدني اليمني الذي ورد فيه على أن: " سن الرشد خمس عشرة سنة كاملة إذا بلغها الشخص, متمتعاً بقواه العقلية, رشيداً في تصرفاته يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية والتصرف فيها"([12]), ومن الملاحظ بعد استقراء النصوص القانونية السالفة نجد أن هناك اختلافاً بين سن الرشد وبين السن القانونية للانتخاب.
جـ- الجنس: إن اشتراط أن يكون الناخبون من الرجال أصبح لا يتفق مع مبدأ الاقتراع العام المتساوي([13]), ولم يبدأ الاعتراف بحق المرأة في الانتخاب إلا في بداية القرن العشرين في (الولايات) المتحدة الامريكية وبعض دول أوروبا([14]), وقد أورد المشرع اليمني في بعض نصوصه المساواة بين المواطنين ذكوراً وإناثاً ولم يفرق بينهم, حيث ورد في بعض نصوص الدستور على أن: "المواطنـون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبـات العامـة " ([15]), "وأن لكل  مواطن حق الإسهام في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية, والثقافية وتكفل الدولة حرية الفكر والإعراب عن الرأي بالقول والكتابة والتصوير في حـدود القانـون"([16]) , "وللمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظم القانون الأحكام المتعلقة بممارسـة هـذا الـحـق"([17]).
وهذا ما أكده المشرع اليمني في قانون الانتخابات بأن المواطن هو:" كل يمني (ويمنية)"([18]), وكذلك نص المادة (7) على أن": تقوم اللجنة العليا باتخاذ الإجراءات التي تشجع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية, وتشكيل لجان نسائية تتولى تسجيل وقيد اسماء الناخبات في جداول الناخبين والتثبت من شخصياتهن عند الاقتراع، وذلك في إطار المراكز الانتخابية المحددة في نطاق كل دائرة من الدوائر الانتخابية " ([19]), ومن مجمل النصوص الدستورية والقانونية السابق ذكرها يتضح لنا أن المرأة في الجمهورية اليمنية لها حق المشاركة في الحياة السياسية, والمتمثلة في حقها في الانتخاب مثل حق الرجل([20]), وقد ساوى الدستور بين الرجل والمرأة في التمتع بالحقوق السياسية ومنها حق الانتخاب([21]).
ولم تكن المرأة اليمنية محل جدل كبير حول مشاركتها لأخيها الرجل في صنع القرار السياسي, بل عبر التأريخ وخاصةً في العصور القديمة عن ذلك, وأقرب مثال على ذلك يمكن الاستشهاد به هو الملكة بلقيس([22]), والتي جاء ذكرها في القرآن الكريم بقوله تعالى:((قالت يا أيها الملأ افتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون))الآية(33) سورة النمل.
د- الأهلية:
يشترط في المواطن لكي يمارس حقه في الانتخاب أن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية([23]), ويتمتع بحق الانتخاب كل مواطن بلغ من العمر ثماني عشرة سنة شمسية كاملة "متمتعاً بقواه العقلية" , والسؤال المطروح هنا : ما موقف القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأن الانتخابات العامة وتعديلاته من الحرمان والمنع, من مباشرة الحقوق السياسة ومنها حق الانتخاب؟ للإجابة على هذا السؤال وبالوقوف عند نصوص قانون الانتخابات, فإن المشرع لم يورد ضمن نصوص قانون الانتخابات أو تعديلاته ما يخص وقف أو حرمان أو اعفاء أي فئه من ممارسة حق الانتخاب, وهو ما يدعو للتساؤل حول أحقية المصابين بأمراض عقلية والمحجوزين في مصحات, والموجودين في السجون من مباشرة حقهم السياسي المتمثل في عدة تصرفات منها مزاولة الانتخاب([24]).
 والأشخاص الذين يحرمون من ممارسة هذا الحق وهم من حكم بحرمانهم من حقوقهم المدنية, أو من حرموا مؤبداً من الرتب والوظائف العامة, أو من حرموا من وظائفهم إلى أجل معين, وكذلك من حكم عليهم لأجل جناية أو جرم شائن, ومن حكم عليهم قضائياً بالحجز, والأشخاص الذين أعلن إفلاسهم([25]), وذوي الأمراض العقلية- والحجر المقترن بحكم فقدان الأهلية([26]), ولايحق لمن سبق ذكرهم ممارسة حق الانتخاب.
وواضح أن سبب منع مباشرة الحقوق السياسية من جانب هؤلاء الأفراد هو نقص قوة التمييز والإدراك لديهم والتي يعد وجودها ضرورة لممارسة شؤون السلطة السياسية([27]).
إضافة إلى الشروط السابقة, فإن الدساتير وقوانين الحقوق السياسية تتطلب أيضاً شروطاً تتعلق بنزاهة, وشرف الناخب وتمتعه بالأخلاق الفاضلة ليتاح له ممارسة حق الانتخاب والمفترض أن جميع المواطنين يتمتعون بهذه الصفة ([28]), وكذا الأهلية الأدبية التي يجب أن يتمتع بها الناخب لكي يمارس حقه في الانتخاب, وهذا ما أغفله المشرع اليمني, وكان الأحرى به أن ينص على ذلك.
ونخلص إلى القول: بأن على المشرع الدستوري والقانوني إعادة النظر في النص, وأن يضيف عليه ما يتعلق بمسألة الفئة التي يتم حرمانها من المشاركة في حق الانتخاب حتى يكون النص واضحاً وصريحاً.
ه- القيد في جداول الناخبين:
 إذا كانت الشروط السابقة تعد شروطاً للتمتع بالحقوق السياسية, فإن هذا الشرط يعتبر شرطاً لمزاولة الحق السياسي, بمعنى أنه قد يتوافر في الناخب شرط الجنسية والسن, ومع ذلك لا يسمح له بمباشرة حقوقه السياسية طالما أن اسمه غير مسجل في جداول الناخبين.
ويأتي ذلك ضماناً لممارسة العملية الانتخابية, ومنعاً لتكرار الاقتراع في أكثر من دائرة مما يفرغ العملية الانتخابية من مضمونها, بل والعملية الديمقراطية, لذا فإن التشريعات تؤكد على عدم السماح للمواطن بمباشرة حق الانتخاب (انتخاباً وترشيحاً) ما لم يكن اسمه مقيداً في جدول الناخبين في نطاق دائرته([29]).
وهذا ما أكد عليه المشرع اليمني في نص المادة (18) من قانون الانتخابات السالف ذكره على أن: " لكل مواطن قيد اسمه في جدول الناخبين حق ممارسة الاقتراع في الدائرة الانتخابية المحلية المقيد بها، ويتم التثبت من شخصيته اسماً وصورة عن طريق إحدى وثائق التثبت من الهوية المعتمدة للقيد، أو بواسطة السند المثبت لواقعة التسجيل، أو السجل الانتخابي الذي يحمل اسم وصورة الناخب".




[1])) د. رشاد أحمد الرصاص: النظام الانتخابي في الجمهورية اليمنية, مرجع سابق, ص310.
[2])) د. محمد أحمد الغابري: المسألة الدستورية في اليمن, مرجع سابق, ص181.
[3])) وبالمقابل نصت المادة (3) من قانون الانتخابات اليمني على أن: "يتمتع بحق الانتخاب كل مواطن بلغ من العمر ثماني عشرة سنة شمسية كاملة ويستثنى من ذلك المتجنس الذي لم يمض على كسبه الجنسية اليمنية المدة المحددة قانوناً ".
[4])) د. رشاد أحمد الرصاص: النظام الانتخابي في الجمهورية اليمنية, مرجع سابق, ص311,312.
[5])) د. محمد قاسم جعفر: النماذج الانتخابية وتطبيقاتها في النظم السياسية المعاصرة, دراسة, بحثية, مقدمة ضمن منشورات ندوة في النظم الانتخابية ومستقبل الديمقراطية في الجمهورية اليمنية, صنعاء 1993م, ص163.
[6])) عبد الناصر محمد وهبه: الحرية السياسية بين الشريعة الاسلامية والقانون الوضعي, مرجع سابق, ص206.
[7])) نص المــادة (23) من القانون رقم (6) لسنة 1990م بشأن الجنسية اليمنية على أن: (الأجنبي المسلم الذي أكتسب الجنسية اليمنية عملاً بأحكام المواد (4 . 5 . 6 . 9 . 11) من هذا القانون لا يكون له حق مباشرة الحقوق السياسية المقررة لليمنيين قبل انقضاء خمس عشرة سنة من تاريخ كسبه للجنسية المذكورة, كما لا يجوز انتخابه أو تعيينه في أية هيئة نيابية قبل مضي المدة المذكورة من التاريخ المذكور).
[8])) د. رشاد أحمد الرصاص: النظام الانتخابي في الجمهورية اليمنية, مرجع سابق, ص314.
[9]))  د. فاروق عبد الحميد محمود: حق الانتخاب وضماناته, دراسة مقارنة, مرجع سابق, ص15.
[10])) المادة (64/ ب) من دستور الجمهورية اليمنية النافذ .
[11])) المادة (3) من القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأن الانتخابات العامة وتعديلاته.
Þ أخذ بهذا المشرع الجزائري في قانون الانتخابات لسنة 2012م والتونسي بقانون 2014م والاردني بقانون 2016م.
[12])) المادة (50) القانون رقم (14) لسنة 2002م بشأن القانون المدني, والمنشور في الجريدة الرسمية العدد السابع الجزء الأول بتاريخ 15/ابريل /2002م, ص8.
[13])) د. محمود عطف البناء: الوسيط في النظم السياسية, مرجع سابق, ص 398.
[14])) منصور محمد الواسعي: الحقوق السياسية في دستور الجمهورية اليمنية دراسة مقارنة: 2006م, ص41.
[15])) المادة (41) من دستور الجمهورية اليمنية النافذ.
[16])) المادة (42) من دستور الجمهورية اليمنية النافذ.
[17])) المادة (43) من دستور الجمهورية اليمنية النافذ.
[18])) المادة (2) الفقرة (ب) من القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأن الانتخابات العامة وتعديلاته.
[19])) المادة (7) من القانون رقم (13) لسنة 2001م بشأن الانتخابات العامة وتعديلاته, وهو أيضاً ما أكدته نص المادة (7) من اللائحة التنفيذية لقانون الانتخابات, حيث نصت على أن: (" لغرض تشجيع المرأة على ممارسة حقوقها الانتخابية تتخذ اللجنة العليا الإجراءات الآتية:1- تشكيل لجان نسائية عند الاقتراع وذلك في كل مركز انتخابي يتواجد فيه عدد لا يقل عن (100) امرأة من المقيدات في جداول الناخبين. 2- تشكل اللجان النسائية من المؤهلات قانوناً لذلك, وتكون الأولوية للمقيمات في نطاق الدوائر الانتخابية التي سيتم الاقتراع فيها.3- ينظم الدليل الانتخابي الضوابط التي تكفل التثبت من شخصيات الناخبات ."
[20])) منصور محمد الواسعي: الحقوق السياسية في الدستور اليمني, مرجع سابق, ص45.
[21])) د. محمد أحمد الغابري: المسألة الدستورية في اليمن, مرجع سابق, ص130.
[22])) د. عبد الجليل عبد الفتاح الصوفي: جغرافية الانتخابات في اليمن, دراسة في الجغرافيا السياسية, المكتب الجامعي الحديث, الاسكندرية, 2004م, ص131.
[23]))  د . فاروق عبد الحميد محمود: حق الانتخاب وضماناته, دراسة مقارنة, مرجع سابق, ص15.
[24])) د. رشاد أحمد الرصاص: النظام الانتخابي في الجمهورية اليمنية, مرجع سابق, ص319.
[25])) د. عبد الغني بسيوني عبدالله: القانون الدستوري, المبادئ العامة, الدستور اللبناني, كلية الحقوق جامعة الاسكندرية وبيروت العربية, الدار الجامعي, 1976م, ص265.
[26])) د. قائد محمد طربوش: نظام الحكم في الجمهورية العربية اليمنية, دراسة مقارنة مع البلدان العربية (ذات النظام الجمهوري) مكتبة مدبولي الطبعة الأولى, 1990م.مرجع, ص265.
[27])) د. عبد العزيز شيحا: القانون الدستوري, تحليل النظام الدستوري, دراسة تحليلية, 1983م, الدار الجامعية للطباعة, ص581.
[28])) د. رشاد أحمد الرصاص: النظام الانتخابي في الجمهورية اليمنية, مرجع سابق, ص95. وكذا د. فؤاد العطار, النظم السياسية والقانون الدستوري, دار النهضة العربية القاهرة, ص395.
[29])) د. رشاد أحمد الرصاص: النظام الانتخابي في الجمهورية اليمنية, مرجع سابق, ص316.

ليست هناك تعليقات

اترك تعليقك هنا