اخر الأخبار

أحدث المواضيع

قسمة التركات - كل ما يتعلق بقضايا القسمة دراسات وابحاث قانونية إثبات مصاريف التقاضي ا.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

دراسات حول القسمة وإجراءاتها:-








6- نقاش القسامين


7- المناقلة قبول ضمني بالقسمة
اعداد الدكتور/عبد المؤمن شجاع الدين



9- قسمة الوقف معوشة بين الورثة













دراسات وابحاث قانونية:

1- تحديد المقصود بحل الخلاف في اتفاق التحكيم

2- أنا أتشارك 'الشقية العرفية المصححة2' معك









إثبات مصاريف التقاضي

ا.د/ عبدالمؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء

ترد ضمن طلبات بعض الدعاوى طلب (الحكم لنا بالأتعاب والمخاسير والمصاريف)، دون أن يقدم الطالب الأدلة التي تثبت المخاسير والمصاريف التي انفقها الخصم الطالب، مع أن قانون المرافعات قد اشترط إثبات مصاريف التقاضي كي تحكم المحكمة بالمصاريف القضائية المطلوبة، حسبما قضى الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-3-2013م في الطعن رقم (47872)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد تبين أن الطاعن طلب من الشعبة في البند (4) من طلباته تحميل المستأنف ضده مخاسير التقاضي وأتعاب المحاماة، وهو ما يعني أن الشعبة قد حكمت برفض الطلب، والشعبة تكون في ذلك قد خالفت القانون ، لأن المادة (258) مرافعات قد أوجبت على المحكمة أن تحكم بالنفقات من تلقاء نفسها ومن باب أولى متى طلب منها ذلك، ولكن ذلك مشروط بأن يتم إثبات مخاسير التقاضي واتعاب المحاماة لدى المحكمة بوجه شرعي وقانوني بأن  يثبت الخصوم  انهم قد انفقوها بالفعل، وفقاً لما ورد في المادة (257) مرافعات، وقد لاحظت الدائرة أن الطاعن لم يقم بتقدير المخاسير في طلبه لدى محكمة الاستئناف عملاً بالمادة (261) مرافعات، وكذا لم يقم بإثبات إنفاقه لها، ولذلك فإن شرط ثبوتها مختل، ومن ثم فإن النعي بعدم قيام الشعبة بتقدير النفقات والحكم بها غير سديد، فالشعبة ملزمة بالحكم بتقدير الاتعاب والمخاسير اذا تم إثباتها من قبل الخصم  وفقاً للمادة (261) مرافعات، فما جرى عليه العمل لدى المحاكم من القيام بتقدير النفقات والحكم بها أن يكون ذلك وفقاً لما هو مقرر للمحكمة من السلطة التقديرية بموجب المادة (261) مرافعات)، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية :

الوجه الأول: مكونات المصاريف القضائية (نفقات المحاكمة):

حددت المادة (257) مكونات نفقات المحاكمة وهي الرسوم القضائية واجور الخبراء ونفقات الشهود ونفقات إتخاذ الإجراءات التحفظية وإجرة من تنصبه المحكمة عن الخصم الغائب واجرة المحامي بما تقدره المحكمة، وقد اشار الحكم محل تعليقنا إلى هذه المكونات باعتبار إن القانون قد حدد اوجه نفقات المحاكمة كي  يقوم المدعي بها  بتحديد نوع النفقة التي تكبدها ومقدارها ووقت ومناسبة إنفاقها والشخص الذي تم تسليمه المبلغ او الجهة المستفيدة من النفقة، لان المطالبة بنفقات المحاكمة هي دعوى، لذلك يجب أن تكون معلومة ومبينة حتى لا تكون مجهولة ، فيجب تحديد نوع النفقة التي تكبدها الخصم وتاريخ الأنفاق والجهة التي استلمت المبلغ او المستفيد من النفقة...إلخ.

 وفي هذا الشأن بينت  المادة (257) من قانون المرافعات مكونات النفقات القضائية، وهي ما انفقه الخصوم في اجراءات الخصومة و تتمثل في النفقات الفعلية ويدخل في ذلك :
1- 
الرسوم القضائية للدعاوى والطلبات العارضة والإعلانات .
2- 
اجور الخبراء .
3- 
نفقات الشهود .
4- 
نفقات انتقال المحكمة .
5
– نفقات الإجراءات التحفظية.
6- 
اجرة المحامي أو من تنصبه المحكمة.

فكل قضية تعرض على القضاء تكلف اصحابها مصاريف بهذا القدر أو ذاك وفقا للسير العادي للقضايا أمام المحاكم، فإن الدعاوى تستلزم مصاريف كثيرة منها رسوم الدعاوى المقررة وأجرة الخبراء الذي تعينهم المحكمة أو يختارهم الخصوم واتعاب المحامين أو الوكلاء وتكاليف انتقال المحكمة إذا لزم ذلك، كما أن الخصوم يخسرون مبالغ أخرى مقابل انتقالهم  ناهيك عن مصاريف أخرى لا يسعنا الحديث عنها هنا .

ويقرر القانون اليمني في البداية أن المصاريف هي كل ما ثبت بوجه  شرعي وقانوني أن الخصوم انفقوها في الدعوى، ومعنى ذلك أن المصاريف محصورة بما انفقه الخصم في الدعوى ولا تشمل ما خسره بسبب الدعوى، لأن ذلك لا يندرج ضمن مصاريف الدعوى، لأنه ليس من قبيل النفقات التي مصدرها القانون، كما لا تشمل ما قضت به المحكمة على الخصوم من غرامات بسبب تعطيل الفصل في الدعوى وعدم الإمتثال لقراراتها أو اوامرها وما خسره الخصم بسبب تعطيله من عمله  كالتعويضات.)قواعد الأحكام القضائية /. أحمد الوادعي.- صـ،85) .
ومع ذلك فلا يدخل في نفقات التقاضي النفقات الفعلية التي تكبدها الخصم مثل نفقات الإقامة في فندق أو نفقات التنقل أو نفقات ترجمة المستندات .(شرح قانون المرافعات / د. سعيد الشرعبي. صـ 75.).

الوجه الثاني: وجوب إثبات نفقات المحاكمة المطلوب الحكم بها:

قضى الحكم محل تعليقنا بانه يجب على الطالب لنفقات التقاضي ان يثبت دفعه للنفقات بالفعل، لان القانون قد اوجب على الطالب بنفقات التقاضي إثباتها حيث نصت المادة (257) مرافعات على ان (نفقات المحاكمة هي ما يثبت بوجه شرعي وقانوني ان الخصوم انفقوه في الخصومة)، فالنص صرح بوجوب إثبات المطالب بالنفقات لما انفقه في الخصومة بوجه شرعي أي بطرق الإثبات المقررة شرعاً وقانوناً،فذلك يقتضي ان يثبت المطالب أيضاً الغرض والجهة المستفيدة من النفقات التي دفعها وتاريخ الدفع وعلاقة هذه النفقة بالقضية او الخصومة، فالمطالبة بنفقات التقاضي دعوى كما سبق القول ،فالواجب على المدعي او المطالب ان يثبتها، وبناءً على ذلك فليس صحيحاً ما ساقه الطاعن بان المحكمة تحكم بالنفقات من تلقاء ذاتها وانما تقوم بتقديرها بناء على طلب من الخصم وبموجب الادلة المقدمة من المطالب بالنفقة التي تثبت دفعه النفقات المطلوبة.

الوجه الثالث: رمزية نفقات التقاضي:

يقدر القضاء نفقات التقاضي على أساس رمزي حيث لا تتناسب المبالغ التي يقدرها القاضي مع المبالغ التي يتكبدها الخصوم بالفعل حيث تكون المبالغ المقدرة اقل بكثير من المبالغ التي يتكبدها الخصوم، غير انه إذا اثبت المدعي او المطالب بالنفقات اثبت بوجه شرعي وقانوني المبالغ التي تكبدها بدليل قاطع فعندئذ لا مناص من الحكم له بالمبالغ التي تكبدها بالفعل حسبما نصت عليه المادة (257) مرافعات وحسبما قضى الحكم محل تعليقنا.

 كما نصت  المادة (380) من قانون الإجراءات الجزائية على أنه (المصاريف هي كل ما يثبت أن الخصوم قد انفقوه في الدعاوى بما في ذلك اتعاب المحاماة … الخ).

الوجه الرابع : الحكم بنفقات التقاضي :

أوجبت المادة (381) من قانون الإجراءات الجزائية والمادة (258) من قانون المرافعات  اوجبت على المحكمة عند اصدار الحكم المنهي للخصومة أن تحكم ومن تلقاء نفسها بنفقات الخصومة ولو لم يطلب الخصوم ذلك .
فالقانون لم يهدر ما يلحق الخصم من خسائر وإنما فرق بين النفقات المباشرة والرسمية والخسائر التي تلحق الخصم فأوجب على المحكمة القضاء بالأولى من تلقاء نفسها ولو لو يطلب إليها الخصم المعنى ذلك، بينما الثانية الأمر فيها على الجواز، وبناء على طلب الخصم لا ان تقضي به من تلقاء نفسها ولو تبين لها وجاهتها .
 الوجه الخامس :  تحديد الخصم المحكوم عليه بنفقات التقاضي :
يكون الحكم بالنفقة على الخصم الذي خسر القضية بالشروط التالية:
1- أن يكون خصما له مصلحة شخصية في الخصومة، فلا تحكم  المحكمة بها على القاضي في دعوى الرد ولا على النيابة العامة في الدعوى الجزائية التي ترفعها .
2- أن يكون الخصم قد خسر القضية .
3- أن لا يكون الخصم معفيا من الحكم عليه بالنفقات بحكم القانون كالنيابة العامة مثلا.
4- يفترض أن يصدر حكم منهي للخصومة سواء بالقضاء في الموضوع أو بدون القضاء في الموضوع كالحكم بسقوط الخصومة أو بإنقضاءها أو بإعتبارها كأن لم تكن حسبما ورد في المادة (382) أ.ج التي نصت على أن( كل متهم حكم عليه في جريمة يجوز الزامه بالمصاريف كلها أو بعضها حسب ما يحدده الحكم.. الخ)،كما حددت المادة (258) من قانون المرافعات :الخصم الملزم بالنفقات على النحو الآتي:
1- الخصم الذي خسر الدعوى سواءا أكان المدعي ام المدعى عليه ام المتدخل.
2– إذا اخفق كلا من الخصمين في بعض الطلبات تقسم المحكمة النفقات بنسبة المحكوم به على كلا منهما .
3- إذا تعدد المحكوم عليهم بالنفقات قسمت بالتساوي أو بحسب ما تقرره المحكمة.).

الوجه الخامس : الأمر بتقدير نفقات الخصومة :

الأصل أن تقدر نفقات الخصومة في الحكم كلما أمكن ذلك، فإذا لم يتم تقديره في الحكم فإن هذا يعني استبعاده، أما إذا حكمت بالنفقات على أحد الخصوم ولكنها لم تقدرها في الحكم، فإن القانون اجاز لرئيس المحكمة الأمر بتقديرها بناء على عريضة يقدمها المحكوم له، حسبما هو مقرر في المادة (388) أ.ج التي تنص على ان( تقدر مصاريف الدعوى في الحكم إن امكن وإلا قدرها رئيس المحكمة التي اصدرت الحكم بأمر على عريضة يقدمها المحكوم له … الخ).
والجدير بالذكر أن هناك فروق بين الحكم بالتعويض للمحكوم له عن الإجراءات التي قصد بها الكيد أو عن مقدار الضرر الذي لحق به وبين الحكم نفقات التقاضي، لأن ذلك لا يكون إلا بناء على دعوى تقدم ابتداءا أو مبتدءة أو بطلب عارض .
وبإعادة قراءة نصوص القانون عند هذه النقطة سنجد أن المصاريف تختلف عن التعويض المقرر في هذه المادة، وبيان ذلك فيما يلي:
1- تحكم المحكمة بالمصاريف من تلقاء نفسها على سبيل الوجوب، أي ولو كان المحكوم له بها قد اغفل طلبها عامدا، بينما الحكم بالتعويض لا يجوز ان تقضي به المحكمة دون طلب الخصم المعني .
2- يتحمل المحكوم عليه مصاريف الدعوى بمجرد خسرانه للقضية ودون نظر إلى حسن النية أو سوء النية فهو يتحملها بسبب منازعته لخصمه في الحق المدعى به ويستوي أن يكون في ذلك قد قصد الكيد أو قصد الدفاع عن حق كتهمة، فلا عبرة بما إذا كان المحكوم عليه قد اشتبه عليه الأمر، أما الغرامة او التعويضات فلا يحكم له بها إلا بمناسبة دعوى أو دفاع قصد به صاحبه الكيد لسوء نية، ويتحقق سوء مقصد الخصم إذا كان يعلم أنه لا حق له في الطلب أو الدفاع الذي ابداه سواء علم قبل ابداءه أو بعده، وكذلك إذا كان قد قصد الإضرار بخصمه.
3- الظاهر من النص في هذا القانون أن الحكم بالمصاريف لا يحتاج إلى تسبيب خاص به إذ يكفي لتسويغه الأسباب التي يستند إليها الحكم في الموضوع، أما التعويض فيتعين على القاضي تسبيبه إذا هو قضى بها بحيث يستظهر في حكمه قصد الكيد لدى الخصم وتحديد الضرر الناجم عنه وأن سبب الضرر هو الطلب أو الدفع الذي قدمه الخصم .
4
– الحكم في تقدير المصاريف يستند إلى المادة (258) من قانون المرافعات والمادة (381) من قانون الإجراءات الجزائية، في حين الحكم في تقدير التعويض عنه اساسه القانون المدني وقواعد المسؤلية التقصيرية   فقد ذكر في آخر المادة (257) مرافعات أن التعويضات لا تدخل ضمن المصاريف، فلا تقضي بها المحكمة من تلقاء نفسها، ويفهم من اغفال القانون للتعويضات أنه تركها لقواعد المسؤلية التقصيرية المقررة في القانون المدني .)قواعد الاحكام/أحمد الوادعي- صـ91.).
الوجه السادس : الأساس القانوني للإلتزام بنفقات التقاضي :
اختلف الفقه الإجرائي في الأساس القانوني الذي يقرر الحكم بالنفقات على خاسر القضية وذلك على النحو الآتي:
1- 
ذهب بعض الفقه إلى أن الحكم على خاسر القضية بالنفقات ما هو إلا نوع من العقوبة الخاصة تهدف إلى تهديد المتقاضين وردعهم عن التقاضي بدون وجه حق، لهذا فإن القانون عاقب المتقاضي بدفع النفقة في حالة خسارته القضية وانتقد هذا الرأي على اساس أن من يدافع عن حقه لا يعاقب .
2- 
اسسها بعض الفقه الإجرائي على العقد أو شبه العقد، من منطلق أن الخصومة عقد بين طرفين وأنهما قد اتفقا على قبول النتائج ومنها المصروفات إلا أنه تم رفض هذا الاساس فيما يتعلق بفكرة شبه العقد، لأنه لا يفترض قبول المدعى عليه الخصومة، وهذا الاساس يقوم على الخيال لا على حقائق القانون .
3- اسسها بعض الفقه على الخطأ، واتخذ من واقعة الخسارة قرينة عليه، فاذا كان الخصم حسن النية فإن عدم التبصر والحيطة يشكلان اساءة في استخدام حق التقاضي يكون اساسا للإلتزام بتحمل النفقات، وانتقد هذا الرأي، لأن استخدام الدعوى أو الدفاع لا يشكل خطاءاً إلإ إذا كان هناك تعسف، كما أن التعويض عن الخطأ يجب أن يكون كاملاً وجعل نفقات المحاكمة على الخاسر هو تعويض جزئي أو جزافي.
4– اسسها بعض الفقه الإجرائي على فكرة العدالة، حيث تحتم العدالة على أن يحصل كل ذي حق على حقه، وأن لا يتحمل أي نفقة في سبيل حماية حقه، لأن ذلك يعد انتقاصا للحق وإنما يجب أن يتحملها الطرف الآخر المحكوم عليه، لأنه يتضح من خلال خسارته في القضية أنه قد تسبب فيها .
5- ويرى بعض الفقه الإجرائي  بأن اساس  ذلك يقوم على فكرة المخاطرة ، وهذه الفكرة لا تقوم على اساس الخطأ، وإنما تقوم على اساس المخاطرة  التي تتمثل في نفقات الخصومة الضرورية واللازمة قانونا وعلى اساس النشاط الذي تمثل في استخدام الخصم وسائل الدفاع معتقدا أنه على حق في ذلك وأنه يستخدمها استخداما مشروعات، فإذا خسر فإنه لا يكون متعسفا وإنما يجب أن يتحمل قدراً من التعويض للمضرور حتى تتوزع الأضرار بينهما على أساس أنه قد خاطر  في ذلك بناءا على نظرية المخاطرة، واساس هذه النظرية هو مبدأ العدالة، وبناء على هذا الرأي يتضح أن الزام الخاسر بالنفقة لا يعني الحكم عليه بكل نفقات الخصومة وإنما بجزء منها، فيتم بعض التغطية، ويعد ذلك تعويضا جزافيا يتفق مع فكرة المخاطر ولا يتفق مع فكرة الخطأ، والواقع أن هذه الفكرة ليست إلا تحليلا اعمق لفكرة العدالة غير أنها اوضحت أن واقعة الخسارة لا تعد في حد ذاتها دليلا على الخطأ، لأن الخصم قد يكون حسن النية في استخدام وسائل الدفاع، ومع ذلك يخسر القضية فلا بد أن يتحمل جزءا من النفقات كتعويض لمن كسبها، ويبدوا  أن تأسيس المصاريف القضائية على فكرة العدالة هو التأسيس الأقرب إلى الصواب، لأنه يقوم على اساس منطقي وعقلي مقنع .
ويزيد الفقهاء على ذلك أن المصاريف يدفعها  الخصم المحكوم عليه ليس على سبيل التعويض ، وإنما لأن القانون يلزمه بذلك تحقيقا لمقتضيات العدالة، فمصدر الإلتزام بالمصاريف  القضائية هو القانون.

وقد اشترط قانون المرافعات النافذ أن يتم إثبات مصاريف التقاضي بوجه شرعي وقانوني، إذ نصت المادة (257) مرافعات على ان (نفقات المحاكمة هي ما يثبت بوجه شرعي وقانوني ان الخصوم انفقوه في الخصومة)، فالنص صرح بوجوب إثبات المطالب بالنفقات لما انفقه في الخصومة بوجه شرعي أي بطرق الإثبات المقررة شرعاً وقانوناً،فذلك يقتضي ان يثبت المطالب  الغرض والجهة المستفيدة من النفقات التي دفعها وتاريخ الدفع وعلاقة هذه النفقة بالقضية او الخصومة، فالمطالبة بنفقات التقاضي دعوى كما سبق القول ،فالواجب على المدعي او المطالب إثبات دعواه بذلك ، وكان  النص القانوني السابق يشترط أن تثبت المصاريف ( بوجه رسمي )، ولعدم وضوح ودقة مصطلح ( الوجه الرسمي ) فقد تم تعديله إلى مصطلح(بوجه شرعي وقانوني )حسبما هو مقرر في النص النافذ .
وبالتالي فإن تحديد تقدير المقبول من المصاريف على الدعوى مرحلة لاحقة على تحديد المسؤل عن تلك المصاريف، ولذلك يتعين تقديرها بعد تسمية الشخص الذي يتحملها، فيتم تحديد الخصم الذي تحمل المصاريف من قبل المحكمة ذاتها التي فصلت في الموضوع  وفي حكمها النهائي وقد رسم القانون لذلك طريقين:
1– أن يكون تقدير المصاريف ميسورا للمحكمة عند اصدار الحكم المنهي للخصومة أمامها، اذ تقدر المصاريف من قبل هيئة المحكمة بكاملها.
2- ان يتعذر ذلك على المحكمة فقد اجاز القانون أن يتم التقدير من قبل رئيس المحكمة التي اصدرت الحكم بمفرده، ويكون ذلك بأمر يصدره على عريضة يقدمه الخصم المحكوم له بها وإذا تم تقدير المصاريف بهذه الوسيلة أوجب القانون ان يشتمل الأمر بها على بيان مفصل للمصاريف التي أمر بها رئيس المحكمة، فلا يعني ذلك بيان مجملها، ومع أن التقدير يتم بطريق الأمر على عريضة إلا أن القانون قرر بأن الأمر بالمصاريف لا يسقط بمرور ثلاثين يوما دون تقديمه للتنفيذ كما هو شأن الأوامر على عرائض .
وقد ميز القانون بين الأمرين عندما قرر جواز التظلم من الأمر بالمصاريف في حين أن قرار المحكمة بتحديد المسؤل عنها يخضع لقواعد الترافع العادية في استئناف الأحكام ويرسم القانون للتظلم من أمر التقدير الإجراءات التالية:
1- أن يقدم المتظلم بتقرير على عريضة خلال ثمانية أيام من تاريخ اعلان الأمر إلى من صدر ضده.
2- يقدم التظلم إلى إدارة المحكمة التي اصدرت الحكم ( قلم الكتاب) .
3- ومع أن الأمر يصدر من رئيس المحكمة إلا أن الفصل في التظلم يتم في غرفة المداولة وفي حضور الخصوم .
4- إذا اصدرت المحكمة قرارا في التظلم اخذ حكم اصله من حيث قابليته للإستئناف والتظلم من الأمر لا يسقط الحق في استئنافه إلى المحكمة المختصة إذا كان موضوعه قابلا للإستئناف ولو كانت المصاريف اكثر من النصاب .
ومن خلال  استقراء نصوص القانون يتضح أنه لا يوجد نص صريح يمنع قبول الطعن بالإستئناف فيما يتعلق بنفقات التقاضي أمام محكمة الاستئناف سواء من الناحية الشكلية إذا قدم في الميعاد المحدد قانوناً أو من الناحية الموضوعية وفقا للقاعدة العامة فيما يخص القيود الواردة على محكمة الإستئناف أو ما يسمى بالأثر الناقل للإستئناف المنصوص عليها في المادة (288/أ) من قانون المرافعات  ( …. لا تنظر محكمة الاستئناف إلا ما رفع عنه الاستئناف فقط .
ب- يجب على محكمة الإستئناف أن لا تنظر إلا في الوجوه والحالات التي رفع عنها الإستئناف فقط، وفي حدود ما فصلت فيه محكمة الدرجة الأولى ).
وكذا ما نصت عليه المادة (417) أ.ج (…. استئناف المدعي بالحقوق المدنية والمسؤلة عنها لا يطرح على محكمة الإستئناف إلا الدعوى المدنية ).
ومن القيود الواردة على قاعدة الأثر الناقل للإستئناف تقييد المحكمة بطلبات المستأنف أمامها .
فلا تنتقل إلى محكمة الإستئناف إلا الطلبات الموضوعية التي رفع عنها الإستئناف، فلو قصر استئناف على احد الطلبين المحكوم بهما عليه فإن محكمة الإستئناف لا تفصل في الطلب الآخر وفقا لنص المادة (221) من قانون الإجراءات الجزائية.
كما يعد طلبا جديدا أن يتجاوز الخصم ما طلبه أمام محكمة أول درجة كأن يطلب تعويض مقداره خمسين الف ريال أمامها ثم يطلب مبلغ مائة الف ريال أمام محكمة الإستئناف لأن مثل هكذا طلب يقدم اول مرة في الاستئناف يفوت على الخصم درجة من درجات التقاضي ويخالف قواعد الاختصاص النوعي ويؤدي إلى تعثر موضوع الخصومة الذي كان أمام محكمة أول درجة والجزاء على مخالفة تلك القاعدة هو عدم قبول هذا الطلب وهو جزاء متعلق بالنظام العام يجوز التمسك به في أي مرحلة صارت اليها الخصومة الاستئنافية بل ويجوز التمسك فيها أمام المحكمة العليا كما تقضي بعدم قبوله من تلقاء نفسها، وقد صدرت في هذا الشأن احكاما عدة منها ما يلي:
(19) طعن رقم(1419) لسنة1422هـ جزائي هيئة (أ)
الموجز: محكمة الموضوع تختص بتقدير مصاريف الدعوى والحكم بها ولو من تلقاء نفسها
القاعدة :
إن من حق محكمة الموضوع أن تحكم بالمصاريف سواء منها التي أثبت الخصم أنه قد أنفق في دعواه ما أدعى به مقابل أتعاب المحاماة وغير ذلك كما أن من حق المحكمة أن تفصل فيه من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى في الحكم الذي تنتهى به الخصومة أمامها وتقديرها أي المصاريف مما تختص به محكمة الموضوع ولا معقب عليها طالما كان تقديرها للمصاريف معقولاًُ ولا أجحاف فيه.
صـ74
وجاء في حيثيات الحكم :
أما ما أثاره الطاعن في بقية طعنه من أن المحكمة حكمت عليه بغرامة مالية كبيرة لم يخسرها المدعي وبالرجوع كذلك إلى الحكم المطعون فيه تبين أنها حكمت أن يدفع الطاعن المتهم مخاسير الدعوى مأتي ألف ريال لورثة المدعي ومعلوم كذلك وفقا لأحكام المواد (380، 381، 382) أ.ج أن من حق محكمة الموضوع أن تحكم بالمصاريف سواء منها التي أثبت الخصم أنه قد انفق في دعواه ما ادعي به مقابل اتعاب محاماة أو غير ذلك كما أن من حق المحكمة أن تفصل من تلقاء نفسها في مصاريف الدعوى في الحكم الذي تنتهى به الخصومة أمامها وتقديرها أي المصاريف مما تختص به محكمة الموضوع ولا معقب عليها طالما كان تقديرها للمصاريف معقولا ولا أجحاف فيه:
صـ76
وكذا ما جاء
طعن رقم(432) لسنة1422هـ شخصي هيئة (أ)
الموجز وجوب الحكم بالمصاريف على المحكوم عليه
القاعدة:
تقضي أنه يجب على المحكمة من تلقاء نفسها أن تحكم بإلزام المحكوم عليه بالمصاريف في الحكم الذي تنتهي به الخصومة أمامها.
وبما أن النص القانوني المشار إليه وجوبي أمر ولما كان الطعون ضدهم هم المحكوم عليهم بالحكم الاستئنافي والحكم الابتدائي المؤيد فإن قضاء الحكم الاستئنافي للفقرة السادسة من منطوقه يخالف لنص القانون الآنف الذكر مما يتعين معه قبول الطعن.
صـ471
حيثيات الحكم:
يعتبر الطعن مقبولا من حيث الشكل بموجب قرار دائرة فحص الطعون الصادر في تاريخ…. وفي الموضوع تبين أن الطاعنين أقاموا الطعن على الفقرة السادسة من منطوق الحكم الاستئنافي القضية بان يتحمل كل طرف خسارته في القضية وحيث نصت المادة(175) مرافعات على أنه يجب على المحكمة عن تلقاء نفسها أن تحكم بإلزام المحكوم عليه بالمصاريف في الحكم الذي تنهى به الخصومة أمامها وبما أن النص القانوني المشار إليه وجوبي أمر ولما كان المطعون ضدهم هم المحكوم عليهم بالحكم الاستئنافي والحكم الابتدائي المؤيد به في قضاء الحكم الاستئنافي الفقرة السادسة من منطوقه مخالف للنص القانوني سالف الذكر مما يتعين معه قبول الطعن بناء على ما سبق وبعد المداولة واستنادا إلى المادة(221) مرافعات تقرر الدائرة
قبول الطعن موضوعا وإلغاء الفقرة السادسة من منطوق الحكم الاستئنافي الصادر عن شعبة الأحوال الشخصية.
4- إعادة الملف إلى شعبة الأحوال الشخصية بمحكمة استئناف حضرموت لتقدير مصاريف وأتعاب المحكوم لهم المستحقة على المطعون ضدهم وفقا للقانون.
صـ470الجزء الثاني
ومن ذلك ما جاء (85) طعن رقم (6680) لسنة1422هـ الذي جاء فيه كان الأحرى بمحكمة الموضوع أن تحكم بتأييد الحكم الابتدائي أو بتعديله لمصلحة رافع الاستئناف وذلك وفقا للمادة(426) إجراءات .
والتي لا تجيز أن يضار الطاعن بطعنه ولكن المحكمة قد عدلت مبلغ التعويض المحكوم به من خمسة مليون إلى مليوني ريال ونصف المليون فإن ذلك يمكن قبوله لو أن المحكوم عليهم لم يقدموا طعنا بذلك أمام محكمة الاستئناف لكن المحكوم عليهم قد قدموا أسباب طعنهم إلى محكمة الاستئناف ناعين على المحكمة الابتدائية حكمها بتعويض المدعي بالحق المدني مبلغ خمسة مليون ريال لأن الأضرار التي لحقت بذلك البوزة لا تتجاوز المائة ألف ريال أما وقد قدم المحكوم عليهم أسباب طعنهم بالاستئناف فإنه يحوز لهذه المحكمة أن تحكم بتأييد الحكم أو تعديله لمصلحة رافع الاستئناف وفقا للفقرة الثانية من المادة(426) لأن هذه الفقرة تنص على أنه إذا كان الاستئناف مرفوعا من غير النيابة فعلى المحكمة الحكم بتأييد الحكم أو تعديله لمصلحة رافع الاستئناف.( نفقات التقاضي، امين حفظ الله الربيعي ص ٨).

الوجه السابع : إغفال المحكمة الفصل في طلب نفقات التقاضي :

إذا أغفلت المحكمة عند الحكم النهائي الفصل في المصاريف، واراد المحكوم له إقتضاءها فهل له أن يطلب ذلك إلى  المحكمة ذاتها التي اصدرت الحكم ؟ أم يمكنه طلب الحكم بها من محكمة الدرجة الثانية ( الإستئناف) وفي الحالة الأخيرة هل يخل ذلك بمبدأ التقاضي على درجتين فيكون طلب الحكم بها في الإستئناف تفويتا على الخصم لدرجة من درجات التقاضي ؟
وإذا اتبعنا أحكام النصوص ومقاصد القانون فربما نطمئن إلى الإجابة التالية .
1- إذا كان المحكوم له قد طلب الحكم له بالمصاريف والتعويضات خلال نظر القضية وقبل الفصل فيها فأغفلت المحكمة ذلك كله أو بعضه عند صدور الحكم النهائي فإن له أن يطلب الحكم بها من المحكمة ذاتها التي أصدرت الحكم، وفقا لنص المادة (232) مرافعات أي انه يوجد أمامنا قصور في القانون لوحظ على قانون المرافعات القديم وكنا نأمل ان يتلافاه القانون الجديد الا انه لم يفعل.
2- وإذا كان الخصم لم يسبق له طلب ذلك فالأمر على التفصيل التالي:
بالنسبة للمصاريف يستطيع المحكوم له لإقتضاءها سلوك الطريق السابق ولا يخل ذلك بمبدأ التقاضي على درجتين، إذ إن المصاريف في نظرها تعتبر مطروحة على المحكمة بحكم القانون الذي يوجب عليه الحكم بالمصاريف من تلقاء نفسها كما رأينا
ولا شئ عليه إذا هو فضل طلبها بطريق الإستئناف، لأنها كما نرى ليست طلبا جديدا لا يمكن اثارته أمام محكمة الدرجة الثانية ، أما التعويضات والغرامات فمن المعروف أن المحكمة لا تقضي بها إلا بناء على طلب الخصم الذي له مصلحة التعويض أو الغرامة، وبالتالي لا يستطيع طلبها إلى  المحكمة ذاتها مستندا إلى المادة (232)، وبداهة لا يمكن طلب الحكم بها إلى محكمة الإستئناف فهي طلبات جديدة وطريقها طلبها هو الطريق العادي برفع دعوى مبتدأة أمام محكمة الدرجة الأولى، ففي رفعها أمام محكمة الدرجة الثانية  تفويت درجة من درجات التقاضي.( النفقات القضائية، المحامي اليمني أمين حفظ الله الربيعي ، بواسطة محاماة نت

ص ٩).والله اعلم.

 

 

هناك تعليق واحد:

  1. حفظكم ربي ورعاكم أستانا الكريم , ومنحكم مزيداً من الصحة والعافية والسعادة وطول العُمر...

    ردحذف

اترك تعليقك هنا