-->
Powered By Blogger

شروط دعوى الحيازة في القضاء اليمني

شروط دعوى الحيازة في القضاء اليمني

أ.د/ عبد المؤمن شجاع الدين

الأستاذ بكلية الشريعة والقانون – جامعة صنعاء


لا ريب أن الفقه قد بحث ودرس دعوى الحيازة وحدد شروطها، وهناك مؤلفات ومصنفات في هذا الموضوع، لكن من المهم معرفة وجهة القضاء اليمني في تحديد شروط دعوى الحيازة وبيان الفرق بينها وبين دعوى الملكية، حيث اشار إلى ذلك الحكم الصادر عن الدائرة المدنية بالمحكمة العليا في جلستها المنعقدة بتاريخ 16-12-2012م في الطعن رقم (46321)، الذي ورد ضمن أسبابه: ((فقد وجدت الدائرة: أن نعي الطاعن في محله : ذلك أن دعوى منع التعرض هي من دعاوى الحيازة التي اعتبرتها المادة (240) مرافعات من ضمن الدعاوى المستعجلة التي يتعين طبقاً لنص المادة (238) مرافعات أن يصدر فيها حكم بتدبير وقتي أو تحفظي دون التعرض لأصل الحق، ومن ثم فلا محل عند النظر في دعوى الحيازة لبحث الملكية ولا مستنداتها إلا على سبيل الاستئناس بها في شأن وضع اليد وبالقدر الذي تقتضيه تلك الدعوى دون التعرض إلى أمر الملكية بأي حال، وتلك قاعدة يتقيد بها المدعي والمدعى عليه وقاضي الموضوع، فلا يجوز للمدعي أن يجمع بين دعوى منع التعرض والمطالبة بالحق، ولا يجوز للمدعى عليه أن يدفع الدعوى بالاستناد إلى حق الملكية، ولايجوز للقاضي أن يقيم حكمه على أساس ثبوت الحق أو نفيه، وإنما يتعين عليه أن يقيم حكمه في الدعوى على توافر الحيازة المادية بشروطها القانونية أو عدم توافرها، فضلاً عن  مدى حصول أو عدم حصول التعرض للحائز ، فيقضي القاضي بقبول الدعوى أو رفضها بناءً على ذلك لا على ثبوت الحق أو عدم ثبوته، فإن هو أقام حكمه على الملكية ومستنداتها فأنه يكون بذلك قد اقحم دعوى الملك في دعوى الحيازة أو اليد وعطل أمر وضع اليد وخالف المادة (238) مرافعات))، وسيكون تعليقنا على هذا الحكم حسبما هو مبين في الأوجه الأتية:

الوجه الأول: دعوى حماية الوضع الظاهر أو منع التعرض أو وضع اليد:

هي دعوى من الدعاوى المستعجلة المحددة في المادة (240) مرافعات، فقد راعى القانون أن هذه المسألة من المسائل التي لا تحتمل التأخير، حيث يقتضي الأمر إسعاف الحائز بإجراءات وقتية سريعة حتى لا تضار مصالحه ضرراً بالغاً إذا ما لجأ إلى القضاء العادي أو الموضوعي بأسلوبه الإجرائي البطيء، لذلك قرر القانون أن يوفر الحماية الوقتية العاجلة للحائز أو واضع اليد بصرف النظر عن احقيته، وتستمر هذه الحماية الوقتية إلى أن تفصل المحكمة بالحق أو الملكية، فالقضاء المستعجل ليست وظيفته تأكيد أو تعديل أو الغاء حق أو مركز قانوني والفصل فيه بحكم نهائي، وإنما وظيفته وقتية وقائية وليست علاجية، ويشترط في الدعوى المستعجلة شروط عامة هي أن يكون الحق محتملاً بالظاهر وان توجد خشية من احتمال وقوع الضرر بالحق الموضوعي وأن تكون هناك صفة للمدعي الحائز، فالقضاء المستعجل عبارة عن تدبير وقتي يتخذه القضاء المستعجل وفقاً للإجراءات التي ينظمها القانون.

الوجه الثاني: عند الفصل في دعوى الحيازة لا يجوز  التعرض لأصل الحق أو الملكية :

  قضى بذلك الحكم محل تعليقنا وسنده في ذلك هو المادة (238) مرافعات التي نصت على أن (القضاء المستعجل حكم مؤقت أو تحفظي يصدر في المسائل المستعجلة التي يخشى عليها من فوات الوقت دون التعرض لأصل الحق)، فعند الفصل في دعاوى الحيازة كدعوى منع التعرض وإزالة العدوان وحماية الوضع الظاهر يجب على القاضي عدم التعرض للحق ومناقشة ملكية الحق أو الشيء والفصل في الملكية وتحديد الأحق بها، لأن النص القانوني السابق ذكره قد اشترط عدم التعرض لأصل الحق، إذ يقتصر قضاء القاضي المستعجل في دعاوى الحيازة على التعرض لواقعة الحيازة ومظاهرها ومدى تحقق شروط الحيازة القانونية دون التعرض لموضوع الحق أو الملكية.

الوجه الثالث: عدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية:

قضى الحكم محل تعليقنا بعدم جواز الجمع بين دعوى الحيازة ودعوى الملكية ورفعهما معاً أمام القاضي لاختلاف طبيعة الدعويين، فدعوى الحيازة دعوى مستعجلة تندرج ضمن القضايا أو الدعاوى المستعجلة التي ينظرها القضاء المستعجل في حين أن دعوى الملكية دعوى موضوعية يختص بنظرها القاضي المدني الموضوعي فضلاً عن اختلاف الأحكام الصادرة في الدعويين، فالحكم الصادر في الدعوى المستعجلة عبارة عن تدبير وقتي أو تحفظي له حجيته الوقتية في حين أن الحكم الصادر في دعوى الملكية هو حكم حاسم منه للنزاع تكون له حجيته الدائمة.

الوجه الرابع: إثبات دعوى الحيازة لا يستدعي دراسة وتمحيص أدلة ملكية الحق:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن إثبات دعوى الحيازة يقتصر على إثبات واقعة الحيازة ومظاهر الحيازة وأن التعرض لسند الملكية لا يكون  إلا بالقدر المناسب لدعوى الحيازة ومدى تحقق شروطها كالتحقق من أن الحائز ليس غاصباً للحق، لأن القانون المدني اشترط في الحائز أن لا يكون غاصباً.

الوجه الخامس: عدم جواز تقديم دفوع أو طلبات تستند إلى حق الملكية:

قضى الحكم محل تعليقنا بأنه لا يجوز للمدعى عليه في دعوى الحيازة تقديم دفوع أو طلبات تسند إلى حق الملكية، لأن نطاق دعوى الحيازة قاصر على مسألة الحيازة أو وضع اليد، فلا سبيل في دعوى الحيازة إلى تقديم طلبات أو دفوع موضوعية تستند إلى ملكية أصل الحق، لأن دعوى الحيازة دعوى مستعجلة تهدف إلى تحقيق حماية وقتية للحائز.

الوجه السادس: لا ينبغي التعرض في الحكم الصادر في  دعوى الحيازة إلى ثبوت الحق أو الملكية:

قضى الحكم محل تعليقنا بأن الحكم الصادر في دعاوى الحيازة لا ينبغي أن يتعرض إلى ثبوت الحق أو الملكية، لأن ذلك بمثابة تعرض لأصل الحق والقضاء المستعجل ممنوع من ذلك حسبما هو مقرر في المادة (238) مرافعات السابق ذكرها، والله اعلم.

 


فضلاً وليس أمراً
اترك تعليقاً هنا

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

المشاركات الشائعة

قلوب المؤمنين

قلوب المؤمنين
اللهم صلي وسلم عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين

Total Pageviews

Translate

معلومة قانونية وثقافية, قانون , رد ,دعوى , دفع, استشكال, اتفاق, عقد شراكة في محل تجاري, عقد تأسيس شركة تجارية, عق تشغيل حارس في عمارة, دعوى قسمة التركة, الوصية والوقف, الهبة, فسخ عقد الزواج, دعوى إلغاء القرار الاداري.

Followers

المشاركات الشائعة

جميع الحقوق محفوظة

معلومة قانونية وثقافية

2016